الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الكريم القائل في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري قال"الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم" وإليكم(١٤) نقطة من أبرز ماقاله المؤرخون من حياة يوسف عليه السلام:
(١)كان يوسف أثيراً عند أبيه من بين إخوته وقد رأى يوسف وهو غلام صغير رؤيا قصها على أبيه فقال له أبوه: {لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ} [يوسف: ٥]، وذلك خشية عليه من حسدهم وخلاصة الرؤيا: أنه رأى أحد عشر كوكباً والشمس والقمر يسجدون له فعرف يعقوب أنها تتضمن مجداً ليوسف يجعل إخوته وأبويه يخضعون لسلطانه.
(٢) حسده إخوته على ولوع أبيهم به وإيثاره عليهم فدبروا له مكيدة إلقائه في الجب فمرت قافلة فأرسلت واردها إلى البئر فأدلى دلوه فتعلق يوسف به فأخذوه عبداً رقيقاً وانتهى أمره إلى مصر فاشتراه رئيس الشرطة فيها واحتل عنده مكاناً حسناً اكتسبه بحسن خلقه وصدقه وأمانته.
(٣)عشقته زوجة سيده وشغفت به فراودته عن نفسه فاستعصم فدبرت له مكيدة سجنه إذا لم يُلَبّ رغبتها منه، فقال: {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} [يوسف: ٣٣].
(٤)أعطاه الله علم تعبير الرؤى فاستخدم ذلك في دعوة السجناء معه إلى توحيد الله وإلى دينه الحق.
(٥) كان معه في السجن فتيان: رئيسُ سُقاةِ الملك، ورئيس الخبازين فرأى كل منهما في منامه رؤيا وعرضها على يوسف.
أما رئيس سقاة الملك: فقد رأى أنه يعصر خمراً فقال له يوسف: ستخرج من السجن وتعود إلى عملك فتسقي الملك خمراً.
وأما رئيس الخبازين: فقد رأى أنه يحمل فوق رأسه طبقاً من الخبز والطير تأكل من ذلك الخبر فأخبره يوسف: أنه سيصلب وتأكل الطير من رأسه.
وأوصى يوسف رئيس السقاة أن يذكره عند الملك وقد تحقق ما عبر به يوسف لكل من الرجلين إلا أن ساقي الملك نسي وصية يوسف.
(٦)لبث يوسف في السجن بضع سنين حتى رأى الملك رؤيا البقرات السمان والبقرات العجاف والسنابل الخضر والأخر اليابسات فعرض رؤياه على السحرة والكهنة فلم يجد عندهم جواباً عند ذلك تذكر ساقي الملك ما أوصاه به يوسف في السجن فأخبر الملك بأمره فأرسله إلى يوسف يستفتيه في الرؤيا فكان جواب يوسف بأن البلاد سيأتيها سبع سنوات مخصبات ثم يأتي بعدها سبع سنوات قحط وجدب ثم يأتي بعد ذلك عام يغاث فيه الناس وتعم فيه البركة.
(٧)أُعجب الملك بيوسف فدعاه للخروج من السجن ولكن يوسف أراد أن يعاد التحقيق في تهمته قبل خروجه حتى إذا خرج خرج ببراءة تامة فأعاد الملك التحقيق فاعترفت بأنها هي التي راودته عن نفسه عند ذلك خرج يوسف من السجن وقربه الملك واستخلصه لنفسه وجعله على خزائن الأرض ويشبه هذا المنصب منصب (وزارة التجارة والتموين) وجعله الملك مسلّطاً على كلّ مصر باستثناء الكرسيّ الأول الذي هو للملك.
(٨)نظم يوسف أمر البلاد وأدار المنصب الذي وُكل إليه إدارة رائعة وادَّخر في سنوات الخصب الحب في سنابله لمواجهة الشدة في سنوات القحط وجاءت سنوات القحط التي عمت مصر وبلاد الشام فقام بتوزيع القوت ضمن تنظيم حكيم عادل.
(٩)علمت أسرته في أرض الكنعانيين بأمر في مصر فوفد إخوته إلاّ شقيقه بنيامين إلى مصر لأن أباه -سيدنا يعقوب- صار حريصاً عليه بعد أن فقد ولده يوسف فلما رآهم يوسف عليه السلام عرفهم وأخذ يحقق معهم عن أسرتهم وعن أبيهم واستجرَّ منهم الحديث فأخبروه عن بنيامين فأعطاهم كيلهم ورد لهم فضتهم في أوعيتهم وكلفهم أن يأتوا بأخيهم بنيامين في المرة الأخرى وإلا فليس لهم عنده كيل لهم فوعدوه بذلك.
(١٠)ذكروا لأبيهم ما جرى لهم في مصروالشرط الذي شرطه عليهم العزيزوبعد إلحاح شديد ومواثيق أعطوها من الله على أنفسهم أذن لهم يعقوب عليه السلام بأن يأخذوا معهم أخاهم بنيامين.
(١١)ولما وفدوا على يوسف عليه السلام دبَّر لهم أمراً يستبقي فيه أخاه بنيامين عنده فكلف غلمانه أن يدسوا الإِناء الفضيّ الذي يشرب به في رحل أخيه بنيامين ولما حملوا كيلهم عائدين إلى بلادهم أرسل الجنود للبحث عن سقاية الملك فوجدوها في رحل بنيامين فأخذوه وكان أمراً شديد الوقع على قلوبهم وعادوا إلى يوسف يرجونه ويتوسلون إليه أن يخلي سبيل أخيهم وعرضوا عليه أن يأخذ واحدا منهم مكانه إلا أنه رفض فرجعوا إلى أبيهم إلا كبيرهم وأخبروه الخبر فظن بهم سوءاً وحزن حزناً أفقده بصره ثم أمرهم بالعودة إلى مصر والتحسس عن يوسف وأخيه فعادوا إلى مصر وألحّوا بالرجاء أن يمنَّ العزيز عليهم بالإِفراج عن أخيهم وخلال محادثتهم معه بدرت منها بادرة أسرها يوسف في نفسه إذ قالوا: {إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل}، يشيرون إلى الحادثة التي اصطنعتها عمته حينما كان صغيراً لتستبقيه عندها.
(١٢) وبأسلوب بارع عرّفهم يوسف بنفسه فقالوا: {أَئِنَّكَ لأَنْتَ يُوسُفُ؟!} قال: {أَنَا يُوسُفُ وَهذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا!} [يوسف: ٩٠] قالوا: {تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا!} [يوسف: ٩١] والتمسوا منه العفو والصفح عما كان منهم فقال: {لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ} [يوسف: ٩٢]. وطلب منهم أن يأتوا بأهلهم أجمعين وبذلك انتقل بنو إسرائيل إلى مصر وأقاموا فيها وتوالدوا حتى زمن خروجهم مع موسى عليه السلام.
(١٣)قالوا: ولما اجتمع يوسف بأبيه - بعد الفراق - كان عمر يعقوب (١٣٠) سنة فيكون عمر يوسف يومئذ (٣٩) سنة ثم توفي يعقوب بعدها بـ (١٧)سنة وعاش يوسف عليه السلام من السنين (١١٠) .
(١٤) وقد فصَّل القرآن الكريم قصة يوسف عليه السلام في سورة كاملة مسماة باسمه .