الخميس، 31 أكتوبر 2013

قصة هاروت وماروت

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الكريم وبعد فاءن قصة هاروت وماروت من القصص التي لا يعرفها كثير من الناس وقد ورد ذكر قصة هاروت وماروت في سورة البقرة قال الله تعالى (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (١٠٢)) والقصة المؤكدة من معظم العلماء والشيوخ أن اليهود نبذوا كتاب الله واتبعوا كتب السحرة والشعوذة التي كانت تُقْرَأ في زمن ملك سليمان -عليه السلام- وكانتِ الشياطين تصعدُ إلى الفضاءِ فتصلُ إلى الغمام والسحابِ حيثُ يسترقونَ السمعَ من كلامِ الملائكةِ الذين يتحدَّثونَ ببعض ما سيكونُ بإذن الله في الأرضِ من موتٍ أو أمر أو مصائب فيأتون الكهنَة الكفار الذين يزعمون بأنّهم يعلمون الغيبَ ويُخبروهم فتُحدّثُ الكهنةُ الناسَ فيجدونه كما قالوا فلما ركنَت إليهم الكهنة أدخلوا الكذبَ على أخبارهم فزادوا مع كل كلمةٍ سبعين كلمة وقد دونوها في كتب يقرؤونها ويعلمونها الناس وفشا ذلك في زمان سليمان -عليه السلام -حتى قالوا إن الجن والشياطين تعلم الغيب وكانوا يقولون هذا علم سليمان -عليه السلام -وما تمَّ لسليمان ملكه إلا بهذا العلم وبه سخر الجن والإنس والطير والريح فأنزل الله هذين الملكين اثنين من الملائكة هاروت وماروت لتعليم الناس السحر ابتلاءً من الله وللتمييز بين السحر والمعجزة وظهور الفرق بين كلام الأنبياء عليهم السلام وبين كلام السحرة وما يُعلِّم هاروت وماروت من أحدٍ حتى ينصحاه ويقولا له إنما نحن ابتلاء من الله فمن تعلم منا السحر واعتقده وعمل به كفر ومن تعلَّم وتوقَّى عمله ثبت على الإيمان فيتعلم الناس من هاروت وماروت علم السحر الذي يكون سبباً في التفريق بين الزوجين بأن يخلق الله تعالى عند ذلك النفرة والخلاف بين الزوجين ولكن لا يستطيعون أن يضروا بالسحر أحداً إلا بإذن الله تعالى لأن السحر من الأسباب التي لا تؤثر بنفسها بل بأمره تعالى ومشيئته وخلقه فيتعلم الناس الذي يضرهم ولا ينفعهم في الآخرة لأنهم سخروا هذا العلم لمضرة الأشخاص ولقد علم اليهود أن من استبدل الذي تتلوه الشياطين من كتاب الله ليس له نصيب من الجنة في الآخرة فبئس هذا العمل الذي فعلوه .

والخلاصة أن الله تعالى إنما أنزلهما ليحصل بسبب إرشادهما الفرق بين الحق الذي جاء به سليمان -عليه السلام-وأتم له الله به ملكه وبين الباطل الذي جاءت الكهنة به من السحر ليفرق بين المعجزة والسحر وقد اختار اليهود الاشتغال بالسحر واستبدلوه بكتاب الله وآياته المنزلة فى القرآن والتوراة وصدق القرآن المنزل عليه من رب العالمين ولبئس البديل الذى اختاروه وفضلوه على الإيمان وهو السحر ولو انهم آمنوا واتقوا لكان خيرا لهم .

ملاحظه :
إن ورد غير ذلك في شأن هذه القصة فلا يبعد أن يكون من الروايات الإسرائيلية وسبب نزول الآية الكريمة " الملكين هاروت وماروت " فى القرآن الكريم أن يهود المدينة كانوا لا يسألون النبى محمد صلى الله عليه وسلم عن شىء من التوراة إلا أجابهم عنه فسألوه عن السحر فأنزل الله تعالى هذه القصة وقال بعضهم أنه لما ذكر نبى الله سليمان -عليه السلام -فى القرآن قالت يهود المدينة ألا تعجبون لمحمد يزعم ان ابن داوود كان نبيا ؟ والله ما كان إلا ساحرا فأنزل الله هذه الآية ليكذب أقوالهم وليبرأ رسوله الكريم سليمان بن داوود عليهما السلام مما ينسبون إليه .

بقلم/ حامد الشمري
٣١-١٠-٢٠١٣م


الثلاثاء، 29 أكتوبر 2013

قصة لقمان الحكيم

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الكريم وبعد فاءن لقمان الحكيم كان عبدا حكيما ذكر في القرآن وأطلق اسمه على سورة لقمان تكريماً له ولد وعاش في بلاد النوبة في جنوب مصر والمشهور عن الجمهور أنه كان حكيمًا وليًا ولم يكن نبيًا وقد ذكره الله تعالى في القرآن فأثنى عليه وحكى من كلامه فيما وعظ به ولده وأسمه (أشكم) وقيل (أنعم) الذي هو أحب الخلق إليه وأشفق الناس عليه والقصص القرآني تكلم عن حكمة لقمان ووصايا لقمان تتمثل في الحكمة التي وهبها الله للقمان الحكيم  للقمان وتعتبر لدى المسلمين من أروع الحكم والمواعظ وقد ذكرها الله تعالى هذه الحكم في القرآن الكريم في سورة لقمان في الآيات من ١٢-١٩ قال تعالى (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أبي مسلم الخولاني رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن لقمان كان عبدا كثير التفكر حسن الظن كثير الصمت (أحبَّ اللهَ) (فأحبَّهُ اللَه ) تعالى فمن عليه بالحكمة).

نصوص بحكمة لقمان:

يا بني ما ندمت على الصمت قط وإن كان الكلام من الفضة كان السكوت من الذهب.

 يابني .. اذا افتخر الناس بحسن كلامهم فافتخر انت  بحسن صمتك ...لايضيع من يسير في طريق مستقيم ...

يا بني : ما ندمت على السكوت قط .

يا بني :اعتــزل الشر يعتزلك فإن الشر للشــر خلق.

يابني إذا إمتلأت المعدة نامت الفكره وخرست الحكمه و قعدت الأعضاء عن العبادة.

يا بني لاتؤخر التوبه فاءن الموت يأتي بغته.

يا بني : إياك والدين  فإنه ذل النهار  وهم الليل .

 يا بني : إياك والسؤال فإنه يذهب ماء الحياء من الوجه .

يا بني : إنه من يرحم يُرحم ومن يصمت يسلم ومن يقل الخير يغنم ومن لا يملك لسانه يندم .

يابني إن الدنيابحرعميق وقدغرق فيها ناس كثيرفاجعل سفينتك فيها تقوى الله وحشوها الإيمان وشراعها التوكل على الله لعلك أن تنجو .

يا بني كُن أخرس عاقلاً ولا تكن نطوقا جاهلا.

يابني أكلت الحنظل وذقت الصبر فلم أر أمرَّ من الفقر فإن افتقرتَ فلا تحدِّث به الناس كيلا ينتقصوك ولكن اسأل الله تعالى من فضله.

يا بني اعتزل عدوك و احذر صديقك و لا تتعرض لما لا يعنيك.

يا بني نقل الصخور من مواضعها أيسر من إفهام من لا يفهم.

بقلم / حامد الشمري
٢٩-١٠-٢٠١٣م

الأحد، 27 أكتوبر 2013

قصة أصحاب الأخدود

قصة أصحاب الأخدود

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الكريم وبعد فقد ذكرت قصة أصحاب الأخدود في القرآن الكريم في سورة البروج 
ورويت أيضا في صحيح مسلم فعن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ( كان ملك فيمن كان قبلكم و كان له ساحر فلما كبر قال للملك : إني قد كبرت فابعث إلي غلاماً أعلمه السحر فبعث إليه غلاماً يعلمه و كان في طريقه إذا سلك راهب فقعد إليه و سمع كلامه فأعجبه و كان إذا أتى الساحر مر بالراهب و قعد إليه  فإذا أتى الساحر ضربه  فشكا ذلك إلى الراهب فقال : إذا خشيت الساحر فقل حبسني أهلي و إذا خشيت أهلك فقل حبسني الساحر . 
فبينما هو على ذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس  فقال : اليوم أعلم الساحر أفضل أم الراهب أفضل ... فأخذ حجراً فقال : اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس فرماها فقتلها و مضى الناس ....  فأتى الراهب فأخبره  فقال له الراهب أي بني أنت اليوم أفضل مني قد بلغ من أمرك ما أرى فإن ابتليت فلا تدل علي ... وكان الغلام يبرئ الأكمه و الأبرص و يداوي الناس من سائر الأدواء فسمع جليس الملك و كان قد عمي فأتاه بهدايا كثيرة فقال ما ههنا لك أجمع إن أنت شفيتني فقال إني لا أشفي أحداً إنما يشفي الله تعالى  فإن آمنت بالله تعالى دعوت الله فشفاك فآمن بالله تعالى فشفاه الله تعالى فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس فقال له الملك : من رد عليك بصرك ؟ قال ربي قال ولك رب غيري ؟قال ربي و ربك الله فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام فقال له الملك : أي بني قد بلغ من سحرك ما تبرئ منه الأكمه و الأبرص و تفعل و تفعل فقال : إني لا أشفي أحداً إنما يشفي الله تعالى  فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب فجيء بالراهب فقيل له ارجع عن دينك فأبى فدعا بالمنشار فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه حتى وقع شقاه  ثم جيء بجليس الملك فقيل له ارجع عن دينك فأبى  فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه ثم جيء بالغلام فقيل له ارجع عن دينك فأبى  فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال اذهبوا به إلى جبل كذا و كذا فاصعدوا به الجبل فإذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه  و إلا فاطرحوه فذهبوا به فصعدوا به الجبل فقال اللهم اكفنيهم بما شئت فرجف بهم الجبل فسقطوا  و جاء يمشي إلى الملك فقال له الملك ما فعل بأصحابك فقال كفانيهم الله تعالى  فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال اذهبوا به فاحملوه في قرقور و توسطوا به البحر  فإن رجع عن دينه و إلا فاقذفوه فذهبوا به فقال اللهم اكفنيهم بما شئت فانكفأت بهم السفينة فغرقوا و جاء يمشي إلى الملك فقال له الملك ما فعل بأصحابك فقال كفانيهم الله تعالى فقال للملك أنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به قال ما هو ؟ قال تجمع الناس في صعيد واحد و تصلبني على جذع ثم خذ سهماً من كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل : بسم الله رب الغلام ثم ارمني فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني فجمع الناس في صعيد واحد و صلبه ثم أخذ سهماً من كنانته ثم وضع السهم في كبد القوس ثم قال : بسم الله رب الغلام ثم رماه فوقع السهم في صدغه فوضع يده في صدغه فمات فقال الناس آمنا برب الغلام فأتى الملك فقيل له أرأيت ما كنت تحذر قد والله نزل بك حذرك قد آمن الناس  فأمر بالأخدود بأفواه السكك فخدت و أضرم فيها النيران و قال : من لم يرجع عن دينه فأقحموه ففعلوا حتى جاءت امرأة و معها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها فقال لها الغلام : يا أماه اصبري فإنك على الحق )) رواه الإمام مسلم كتاب الزهد و الرقائق باب قصة الغلام و رواه الإمام أحمد في باقي مسند الأبصار و رواه الإمام الترمذي في باب سورة البروج . 

بقلم/ حامد الشمري
٢٧-١٠-٢٠١٣م

الجمعة، 25 أكتوبر 2013

قصة قابيل وهابيل

قصة قابيل وهابيل

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الكريم وبعد فقد قص الله سبحانه وتعالى قصة قابيل وهابيل في القرآن الكريم
قال الله تبارك وتعالى في سورة المائدة (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ ءَادَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٢٧) لَئِنم بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (٢٨) إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوأَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَآءُ الظَّالِمِينَ (٢٩) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٣٠) فَبَعَثَ اللهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتي أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (٣١))

تتلخص قصة قابيل وهابيل أن حواء عليها السلام تلد في البطن الواحد ابنا وبنتا وفي البطن التالي ابنا وبنتا وكان آدم يُزوج ذكر كل بطن بأنثى من بطن آخر ويقال إن هابيل أراد أن يتزوج بأخت قابيل التي كانت أجمل من أخت هابيل لكن قابيل أراد أن يستأثر بها فأمره آدم أن يزوجه إياها فأبى قابيل فأمرهما أن يقربا قربانًا وكان من عادتهم قديماً في القربان هي أن النار التي تأكل القربان هو الذي ينجح في القربان والقربان هو ما يتقرب به إلى الله وقرّب كل واحد منهما قربانه فقرَّب هابيل جذعة سمينة طيبة وكان صاحب غنم وأما قابيل فقرب زرعاً رديء وكان صاحب زرع فنزلت نار فأكلت قربان هابيل وتركت قربان قابيل فغضب قابيل غضبًا شديدًا وقال لأخيه هابيل لأقتلنك حتى لا تنكح أختي فقال له (إنما يتقبل الله من المتقين).

وذات ليلة أبطأ هابيل في المرعى فبعث آدم أخاه قابيل فوجده فقال له: تقبل منك ولم يتقبل مني فقال له هابيل: (إنما يتقبل الله من المتقين) فغضب عندئذ قابيل ثم أتاه بصخرة فشدخ بها رأسه وقيل خنقه خنقًا شديدًا وأما قول هابيل لقابيل:  (لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ  إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ  [٦]) فمعناه أريد ترك مقاتلتك وإن كنت أشد منك وأقوى وكان هابيل جسمه كبيرا وقويا بعكس أخاه الأكبر قابيل ولما قتل قابيل هابيل ندم على ذلك وجاء غرابان فاقتتلا أمام قابيل فقتل أحدهما الآخر فعمد إلى الأرض يحفر له بمنقاره فيها ثم ألقاه ودفنه وجعل يحثي عليه التراب حتى واراه فقال عندها قابيل: (يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي) ثم أخذ قارون يفعل بأخيه ما فعل ذاك الغراب فدفن هابيل تحت التراب.

فائدة:روى أبي داود وأحمدُ في مسنده عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تُقتل نفس ظلمًا إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه كان أول من سن القتل).

بقلم/ حامد الشمري
٢٥/ ١٠/ ٢٠١٣م

الاثنين، 21 أكتوبر 2013

قصة عيسى -عليه السلام-

قصة عيسى -عليه السلام-

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الكريم وبعد فبدايةً نقسم قصة عيسى -عليه السلام- إلى خمس أقسام:

أولاً: أسرة عيسى -عليه السلام-:

إن الحديث عن نبي الله عيسى عليه السلام يستدعي الحديث عن أمه مريم بل وعن ذرية آل عمران هذه الذرية التي اصطفاها الله تعالى واختارها كما اختار آدم ونوحا وآل إبراهيم على العالمين فآل عمران أسرة كريمة مكونة من عمران والد مريم وامرأة عمران أم مريم ومريم وعيسى عليه السلام فعمران جد عيسى لأمه وامرأة عمران جدته لأمه وكان عمران صاحب صلاة بني إسرائيل في زمانه وكانت زوجته امرأة صالحة كذلك وكانت لا تلد فدعت الله تعالى أن يرزقها ولدا ونذرت أن تجعله مفرغا للعبادة ولخدمة بيت المقدس فاستجاب الله دعاءها ولكن شاء الله أن تلد أنثى هي مريم وجعل الله تعالى كفالتها ورعايتها إلى زكريا عليه السلام وهو زوج خالتها وإنما قدر الله ذلك لتقتبس منه علما نافعا وعملا صالحا.

ثانياً: ولادة عيسى عليه السلام:
يروي الله تعالى في القرآن الكريم قصة ولادة عيسى -عليه السلام- فيقول:(وَاذكُر فِى الكِتَابِ مَريَمَ إِذِ انتَبَذَت مِن أَهلِهَا مَكَاناً شَرقِياً (١٦) فَاتخَذَت مِن دُونِهِم حِجَاباً فَأَرسَلنَا إِلَيهَا رُوحَنَا فَتَمَثلَ لَهَا بَشَراً سَوِياً (١٧) قَالَت إِني أَعُوذُ بِالرحمَـنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِياً (١٨) قَالَ إِنمَا أَنَا رَسُولُ رَبكِ لأهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِياً (١٩) قَالَت أنى يَكُونُ لِى غُلامٌ وَلَم يَمسَسنِى بَشَرٌ وَلَم أَكُ بَغِياً (٢٠) قَالَ كَذلِكَ قَالَ رَبكَ هُوَ عَلَى هَينٌ وَلِنَجعَلَهُ ءايَةً للناسِ وَرَحمَةً منا وَكَانَ أَمراً مقضِياً (٢١))جاء جبريل –عليه السلام- لمريم وهي في المحراب على صورة بشر في غاية الجمال فخافت مريم وقالت (إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا) فجاء جوابه ليطمئنها بأنه يخاف الله ويتقيه:(قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا) اطمئنت مريم للغريب لكن سرعان ما تذكّرت ما قاله (لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا) استغربت مريم العذراء من ذلك فلم يمسسها بشر من قبل ولم تتزوج ولم يخطبها أحد كيف تنجب بغير زواج فقالت لرسول ربّها (أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا)
قال الروح الأمين: (كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا) استقبل عقل مريم كلمات الروح الأمين   بنفاذ أمر الله ولا غرابة في أن تلد مريم بغير أن يمسسها بشر؟ لقد خلق الله سبحانه وتعالى آدم من غير أب أو أم فلم يكن هناك ذكر وأنثى قبل خلق آدم وخلقت حواء من آدم فهي قد خلقت من ذكر بغير أنثى ويخلق الله ابن مريم من غير أب إنها المعجزة تقع عندما يريد الله تعالى أن تقع عاد جبريل عليه السلام يتحدث (إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٤٥) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ) زادت دهشة مريم قبل أن تحمله في بطنها تعرف اسمه وتعرف أنه سيكون وجيها عند الله وعند الناس وتعرف أنه سيكلم الناس وهو طفل  وقبل أن يتحرك فم مريم بسؤال آخر نفخ جبريل عليه السلام في جيب مريم والجيب هو شق الثوب الذي يكون في الصدر فحملت مريم -عليها السلام- وخرجت مريم ذات يوم إلى مكان بعيد وجلست تستريح تحت جذع نخلة وبدأت مريم تلد قال تعالى (فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا (٢٣)) إن ألم الميلاد يحمل لنفس العذراء الطاهرة آلاما أخرى تتوقعها ولم تقع بعد كيف يستقبل الناس بطفلها هذا؟ وماذا يقولون عنها؟ إنهم يعرفون أنها عذراء فكيف تلد العذراء؟ هل يصدق الناس أنها ولدته بغير أن يمسسها بشر؟ وتصورت نظرات الشك وكلمات الفضول وتعليقات الناس وامتلأ قلبها بالحزن ولم تكد مريم تنتهي من تمنيها الموت والنسيان حتى نادها الطفل الذي ولد (فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (٢٤) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (٢٥) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا (٢٦)) نظرت مريم إلى المسيح سمعته يطلب منها أن تكف عن حزنها ويطلب منها أن تهز جذع النخلة لتسقط عليها بعض ثمارها الشهية فلتأكل ولتشرب ولتمتلئ بالسلام والفرح ولا تفكر في شيء فإذا رأت من البشر أحدا فلتقل لهم أنها نذرت للرحمن صوما فلن تكلم اليوم إنسانا ولتدع له الباقي
لم تكد تلمس جذعها حتى تساقط عليها رطب شهي فأكلت وشربت ولفت الطفل في ملابسها وكان تفكير مريم العذراء كله يدور حول مركز واحد هو عيسى وهي تتساءل بينها وبين نفسها: كيف يستقبله اليهود؟ ماذا يقولون فيه؟ هل يصدق أحد من كهنة اليهود الذين يعيشون على الغش والخديعة والسرقة؟ هل يصدق أحدهم وهو بعيد عن الله أن الله هو الذي رزقها هذا الطفل؟ إن موعد خلوتها ينتهي ولا بد أن تعود إلى قومها فماذا يقولون الناس؟

ثالثاً: مواجهة القوم:

كان الوقت عصرا حين عادت مريم وكان السوق الكبير الذي يقع في طريقها إلى المسجد يمتلئ بالناس الذي فرغوا من البيع والشراء وجلسوا يثرثرون لم تكد مريم تتوسط السوق حتى لاحظ الناس أنها تحمل طفلا وتضمه لصدرها وتمشي به في جلال وبطئ
تسائل أحد الفضوليين: أليست هذه مريم العذراء؟ طفل من هذا الذي تحمله على صدرها؟قال أحدهم: هو طفلها ترى أي قصة ستخرج بها علينا؟ وجاء كهنة اليهود يسألونها ابن من هذا يا مريم؟ لماذا لا تردين؟ هو ابنك قطعا كيف جاءك ولد وأنت عذراء؟ (يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) الكلمة ترمي مريم بالبغاء هكذا مباشرة دون استماع أو تحقيق أو تثبت ترميها بالبغاء وتعيرها بأنها من بيت طيب وليست أمها بغيافكيف صارت هي كذلك؟ راحت الاتهامات تسقط عليها وهي مرفوعة الرأس تومض عيناها بالكبرياء والأمومة ويشع من وجهها نور يفيض بالثقة فلما زادت الأسئلة وضاق الحال وانحصر المجال وامتنع المقال اشتد توكلها على ذي الجلال وأشارت إليه
أشارت بيدها لعيسى واندهش الناس ففهموا أنها صائمة عن الكلام وترجو منهم أن يسألوه هو كيف جاء تساءل الكهنة ورؤساء اليهود كيف يوجهون السؤال لطفل ولد للتو؟ قالوا لمريم: (كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا)قال عيسى:(قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (٣١) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (٣٢) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (٣٣)) لم يكد عيسى ينتهي من كلامه حتى كانت وجوه الكهنة والأحبار شاحبة كانوا يشهدون معجزة تقع أمامهم مباشرة هذا طفل يتكلم في مهده طفل جاء بغير أب طفل يقول أن الله قد آتاه الكتاب وجعله نبيا هذا يعني إن سلطتهم في طريقها إلى الانهيار سيصبح كل واحد فيهم بلا قيمة عندما يكبر هذا الطفل لن يستطيع أحد أن يبيع الغفران للناس أو يحكمهم عن طريق ادعائه.

ثالثاً:معجزاته:

كبر عيسى-عليه السلام- ونزل عليه الوحي وأعطاه الله الإنجيل وكان عمره آنذاك كما يرى الكثير من العلماء ثلاثون سنة وأظهر الله على يديه المعجزات يقول المولى عزّ وجل في كتابه عن معجزات عيسى -عليه السلام-(وَيُعَلمُهُ الكِتَابَ وَالحِكمَةَ وَالتورَاةَ وَالإِنجِيلَ (٤٨)وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسرائيلَ أني قَد جِئتُكُم بِآيَةٍ من ربكُم أَنِي أَخلُقُ لَكُم منَ الطينِ كَهَيئَةِ الطيرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيرًا بِإِذنِ اللهِ وَأُبرِىْ الأكمَهَ والأبرَصَ وَأُحي المَوتَى بِإِذنِ اللهِ وَأُنَبئُكُم بِمَا تَأكُلُونَ وَمَا تَدخِرُونَ فِى بُيُوتِكُم إِن فِي ذلِكَ لآيَةً لكُم إِن كُنتُم مؤمِنِينَ (٤٩) وَمُصَدقًا لمَا بَينَ يَدَي مِنَ التورَاةِ وَلأحِل لَكُم بَعضَ الذِي حُرمَ عَلَيكُم وَجِئتُكُم بِآيَةٍ من ربكُم فَاتقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (٥٠) إِن اللهَ رَبي وَرَبكُم فَاعبُدُوهُ هَـذَا صِراطٌ مستَقِيمٌ (٥١)) 
فكان عيسى –عليه السلام- رسولا لبني إسرائيل فقط ومعجزاته هي:
-علّمه الله التوراة.
-يصنع من الطين شكل الطير ثم ينفخ فيه فيصبح طيرا حيّا يطير أمام أعينهم.
-يعالج الأكمه (وهو من ولد أعمى) فيمسح على عينيه أمامهم فيبصر.
-يعالج الأبرص (وهو المرض الذي يصيب الجلد فيجعل لونه أبيضا) فيسمح على جسمه فيعود سليما.
-يخبرهم بما يخبئون في بيوتهم وما أعدّت لهم زوجاتهم من طعام.
-وكان –عليه السلام- يحيي الموتى.

رابعاً:إيمان الحواريون بعيسى -عليه السلام-:

قيل أن عدد الحواريين كان سبعة عشر رجلا لكن الروايات الأرجح أنهم كانوا اثني عشر رجلا آمن الحواريون به لكن التردد لا يزال موجودا في نفوسهم قال الله تعالى قصة هذا التردد(إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء قَالَ اتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (١١٢) قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (١١٣) قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (١١٤) قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ (١١٥)) استجاب الله عز وجل لطلب الحواريين من بني إسرائيل فأنزل لهم مائدة من السماء وقد أنزل الله سبحانه وتعالى سورة كاملة بهذا في القرآن الكريم هي سورة المائدة  لكنه حذّرهم من الكفر بعد هذه الآية التي جاءت تلبية لطلبهم نزلت المائدة وأكل الحواريون منها وظلوا على إيمانهم وتصديقهم لعيسى -عليه السلام-.

خامساً :رفع عيسى عليه السلام:

لما بدأ الناس يتحدثون عن معجزات عيسى عليه السلام خاف رهبان اليهود أن يتبع الناس الدين الجديد فيضيع سلطانهم فذهبوا لمَلك تلك المناطق وكان تابعا للروم وقالوا له أن عيسى يزعم أنه مَلك اليهود وسيأخذ المُلك منك فخاف المَلك وأمر بالبحث عن عيسى -عليه السلام- ليقتله جاءت روايات كثيرة جدا عن رفع عيسى -عليه السلام- إلى السماء معظمها من الإسرائيليات أو نقلا عن الإنجيل وسنشير إلى أرجح رواية هنا :عندما بلغ عيسى عليه السلام أنهم يريدون قتله خرج على أصحابه وسألهم من منهم مستعد أن يلقي الله عليه شبهَهُ فيصلب بدلا منه ويكون معه في الجنة فقام شاب فحنّ عليه عيسى عليه السلام لأنه لا يزال شابا فسألهم مرة ثانية فقام نفس الشاب فنزل عليه شَبهُ عيسى عليه السلام ورفع الله عيسى أمام أعين الحواريين إلى السماء وجاء اليهود وأخذوا الشَّبه ظناً منهم أنه هو عيسى -عليه السلام -وقتلوه ثم صلبوه وقال تعالى عن رفعه(وَقَولِهِم إِنا قَتَلنَا المَسِيحَ عِيسَى ابنَ مَريَمَ رَسُولَ اللهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبهَ لَهُم وَإِن الذِينَ اختَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَك منهُ مَا لَهُم بِهِ مِن عِلمٍ إِلا اتبَاعَ الظن وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً (١٥٧) بَل رفَعَهُ اللهُ إِلَيهِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً (١٥٨) وَإِن من أَهلِ الكِتَابِ إِلا لَيُؤمِنَن بِهِ قَبلَ مَوتِهِ وَيَومَ القِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيهِم شَهِيداً (١٥٩)) يقول ابن عباس: افترق النصارى ثلاث فرق فقالت طائفة: كان الله فينا ما شاء ثم صعد إلى السماء. وقالت طائفة: كان فينا ابن الله ما شاء ثم رفعه الله إليه. وقالت طائفة: كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء ثم رفعه الله إليه. فتظاهرت الكافرتان على المسلمة فقتلوها فلم يزل الإسلام طامسا حتى بعث الله محمدا –صلى الله عليه وسلم- فذلك قول الله تعالى: (فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ) لا يزال عيسى –عليه السلام- حياً وقد رفعه الله إليه إلى السماء فهذه هي قصة
عيسى بن مريم عليه السلام آخر الرسل قبل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. 

بقلم/ حامد الشمري
٢٢/ ١٠/ ٢٠١٣م

السبت، 19 أكتوبر 2013

قصة يحيى -عليه السلام- بقلم

قصة يحيى -عليه السلام-

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الكريم وبعد فاءن نبينا يحيى هو ابن نبي الله زكريا الذي استجاب الله له أن يرزقه الذرية الصالحة فجعل آية مولده أن لا يكلم الناس ثلاث ليال سويا وقد كان يحيى نبيا وحصورا ومن الصالحين قال تعالى في سورة آل عمران (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء (٣٨) فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ) وقال تعالى في سورة مريم (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا)

وعندما اصبح نبينا زكريا-عليه السلام- شيخا عجوزا واشتعل رأسه بالشيب وأحس أنه لن يعيش طويلا وكانت زوجته وهي خالة مريم عجوزا مثله ولم تلد من قبل في حياتها لأنها عاقر وكان زكريا يتمنى أن يكون له ولد يرث علمه ويصير نبيا ويستطيع أن يهدي قومه من بعده  ويدعوهم إلى كتاب الله وهنا دعا زكريا ربه قال تعالى: (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ) وتمنى زكريا الذرية فدعا ربه (ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (٢) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا (٣) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (٤) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا (٥) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) سأل زكريا خالقه بغير أن يرفع صوته أن يرزقه طفلا يرث النبوة والحكمة والفضل والعلم وكان زكريا خائفا أن يضل القوم من بعده ولم يبعث فيهم نبي واستجاب الله له فلم يكد زكريا يهمس في قلبه بدعائه لله حتى نادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا) فوجئ زكريا بهذه البشرى فقال (قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا)أدهشه أن ينجب وهو عجوز وامرأته عاقرا لا تلد (قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا)أفهمته الملائكة أن هذه مشيئة الله وليس أمام مشيئة الله إلا النفاذ وليس هناك شيء يصعب على الله سبحانه وتعالى امتلأ قلب زكريا بالشكر لله وحمده وتمجيده وسأل ربه أن يجعل له آية أو علامة بأن زوجته سوف تكون حاملاً (قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (١٠) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا)

أخبره الله أنه ستجيء عليه ثلاثة أيام لا  يستطيع فيها النطق سيجد نفسه غير قادر على الكلام سيكون صحيح المزاج غير معتل إذا حدث له هذا أيقن أن امرأته حامل وأن معجزة الله قد تحققت وعليه ساعتها أن يتحدث إلى الناس عن طريق الإشارة وأن يسبح الله كثيرا في الصباح والمساء وخرج زكريا يوما على الناس وقلبه مليء بالشكر وأراد أن يكلمهم فاكتشف أن لسانه لا ينطق وعرف أن معجزة الله قد تحققت وطلب من قومه أن يسبحوا الله في الفجر والعشاء وراح هو يسبح الله في قلبه وصلى لله شكرا على استجابته لدعوته ومنحه يحيى-عليه السلام-.

كان أحد ملوك ذلك الزمان طاغية ضيق العقل غبي القلب يستبد برأيه وكان الفساد منتشرا في بلاده وكان يسمع أنباء متفرقة عن يحيى -عليه السلام- وكان الملك يريد الزواج من ابنة أخيه حيث أعجبه جمالها وهي أيضا طمعت بالملك وشجعتها أمها على ذلك وكانوا يعلمون أن هذا حرام في دينهم فأرد الملك أن يأخذ الإذن من يحيى عليه السلام فذهبوا يستفتون يحيى ويغرونه بالأموال ليستثني الملك فلم يكن لدى الفتاة أي حرج من الزواج بالحرام فلقد كانت بغيّ فاجرة لكن يحيى عليه السلام أعلن أمام الناس تحريم زواج البنت من عمّها حتى يعلم الناس إن فعلها الملك فهو انحراف فغضب الملك من ذلك ولكن الفتاة كانت لا تزال طامعة في الملك وفي إحدى الليالي الفاجرة أخذت البنت تغني وترقص فأرادها الملك لنفسهن فأبت وقالت: إلا أن تتزوجني قال: كيف أتزوجك وقد نهانا يحيى قالت: ائتني برأس يحيى مهرا لي وأغرته إغراء شديدا فأمر في حينه بإحضار رأس يحيى لها فذهب الجنود ودخلوا على يحيى وهو يصلي في المحراب وقتلوه وقدموا رأسه على صحن للملك  فذبح يحيى -عليه السلام- وهو في المحراب تنفيذا لرغبة امرأة فاجرة.

بقلم/ حامد الشمري
١٩-١٠-٢٠١٣م

الجمعة، 18 أكتوبر 2013

قصة زكريا-عليه السلام- وكفالته لمريم

قصة زكريا-عليه السلام-وكفالته لمريم

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الكريم وبعد فقد كان في ذلك العصر القديم نبي وعالم عظيم يصلي بالناس أما النبي فهو (زكريا) عليه السلام وأما العالم العظيم الذي اختاره الله للصلاة بالناس فكان اسمه (عمران) عليه السلام وقد كان زكريا -عليه السلام- عبد صالح تقي أخذ يدعو للدين الحنيف كفل مريم العذراء ودعا الله أن يرزقه ذرية صالحة فوهب له يحيى الذي خلفه في الدعوة لعبادة الله وحده.

وكان لعمران زوجة لا تلد ورفعت يديها وراحت تدعو خالقها أن يرزقها بطفل واستجاب لها الله فأحست ذات يوم أنها حامل وملأها الفرح والشكر لله فنذرت ما في بطنها محررا لله قال تعالى:(إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) كان معنى هذا أنها نذرت لله أن يكون ابنها خادما للمسجد طوال حياته يتفرغ لعبادة الله وخدمة بيته وجاء يوم الوضع ووضعت زوجة عمران بنتاً وفوجئت الأم وكانت تريد ولدا ليكون في خدمة المسجد  فلما جاء المولود أنثى قررت الأم أن تفي بنذرها لله برغم أن الذكر ليس كالأنثى قال تعالى (فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ) سمع الله زوجة عمران أن يحفظ هذه الفتاة التي سمتها مريم وأن يحفظ ذريتها من الشيطان الرجيم قال تعالى (وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٣٦) فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا) وقد كان عمران قد مات قبل ولادة مريم وأراد علماء ذلك الزمان وشيوخه أن يربوا مريم كل واحد يتسابق لنيل هذا
الشرف أن يربي ابنة شيخهم الجليل العالم وصاحب صلاتهم وإمامهم فيها فقال زكريا: أكفلها أنا.. هي قريبتي.. زوجتي هي خالتها.. وأنا نبي هذه الأمة وأولاكم بها وقال العلماء والشيوخ: ولماذا لا يكفلها أحدنا؟ لا نستطيع أن نتركك تحصل على هذا الفضل بغير اشتراكنا فيه ثم اتفقوا على إجراء قرعة أي واحد يكسب القرعة هو الذي يكفل مريم ويربيهاويكون له شرف خدمتها حتى تكبر هي وهي تخدم المسجد وتتفرغ لعبادة الله وأجريت القرعة وضعت مريم وهي مولودة على الأرض ووضعت إلى جوارها أقلام الذين يرغبون في كفالتها وأحضروا طفلا صغيرا فأخرج قلم زكريا قال زكريا: حكم الله لي بأن أكفلها
قال العلماء والشيوخ: لا القرعة ثلاث مرات وراحوا يفكرون في القرعة الثانية حفر كل واحد اسمه على قلم خشبي وقالوا: نلقي بأقلامنا في النهر من سار قلمه ضد التيار وحده فهو الغالب قال تعالى (وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ) وألقوا أقلامهم في النهر  فسارت أقلامهم جميعا مع التيار ما عدا قلم زكريا سار وحده ضد التيار وظن زكريا أنهم سيقتنعون لكنهم أصروا على أن تكون القرعة ثلاث مرات قالوا: نلقي أقلامنا في النهر القلم الذي يسير مع التيار وحده يأخذ مريم وألقوا أقلامهم فسارت جميعا ضد التيار ما عدا قلم زكريا وسلموا لزكريا وأعطوه مريم ليكفلها وبدأ زكريا يخدم مريم ويربيها ويكرمها حتى كبرت وكان لها مكان خاص تعيش فيه في المسجد كان لها محراب تتعبد فيه وكانت لا تغادر مكانها إلا قليلا يذهب وقتها كله في الصلاة والعبادة والذكر والشكر والحب لله وكان زكريا يزورها أحيانا في المحراب وكان يفاجأه كلما دخل عليها أنه أمام شيء مدهش يكون الوقت صيفا فيجد عندها فاكهة الشتاء ويكون الوقت شتاء فيجد عندها فاكهة الصيف ويسألها زكريا من أين جاءها هذا الرزق؟ فتجيب مريم: إنه من عند الله وتكرر هذا المشهد أكثر من مرة ( كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ).
 
وعندما اصبح نبينا زكريا-عليه السلام- شيخا عجوزا واشتعل رأسه بالشيب وأحس أنه لن يعيش طويلا وكانت زوجته وهي خالة مريم عجوزا مثله ولم تلد من قبل في حياتها لأنها عاقر وكان زكريا يتمنى أن يكون له ولد يرث علمه ويصير نبيا ويستطيع أن يهدي قومه من بعده  ويدعوهم إلى كتاب الله وهنا دعا زكريا ربه قال تعالى: (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ) وتمنى زكريا الذرية فدعا ربه (ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (٢) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا (٣) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (٤) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا (٥) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) سأل زكريا خالقه بغير أن يرفع صوته أن يرزقه طفلا يرث النبوة والحكمة والفضل والعلم وكان زكريا خائفا أن يضل القوم من بعده ولم يبعث فيهم نبي واستجاب الله له فلم يكد زكريا يهمس في قلبه بدعائه لله حتى نادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا) فوجئ زكريا بهذه البشرى فقال (قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا)أدهشه أن ينجب وهو عجوز وامرأته لا تلد (قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا)أفهمته الملائكة أن هذه مشيئة الله وليس أمام مشيئة الله إلا النفاذ وليس هناك شيء يصعب على الله سبحانه وتعالى امتلأ قلب زكريا بالشكر لله وحمده وتمجيده وسأل ربه أن يجعل له آية أو علامة بأن زوجته سوف تكون حاملاً (قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (١٠) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا)
أخبره الله أنه ستجيء عليه ثلاثة أيام لا  يستطيع فيها النطق سيجد نفسه غير قادر على الكلام سيكون صحيح المزاج غير معتل إذا حدث له هذا أيقن أن امرأته حامل وأن معجزة الله قد تحققت وعليه ساعتها أن يتحدث إلى الناس عن طريق الإشارة وأن يسبح الله كثيرا في الصباح والمساء وخرج زكريا يوما على الناس وقلبه مليء بالشكر وأراد أن يكلمهم فاكتشف أن لسانه لا ينطق وعرف أن معجزة الله قد تحققت وطلب من قومه أن يسبحوا الله في الفجر والعشاء وراح هو يسبح الله في قلبه وصلى لله شكرا على استجابته لدعوته ومنحه يحيى وظل زكريا عليه السلام يدعوا إلى ربه حتى جاءت وفاته ولم ترد روايات صحيحة عن وفاته عليه السلام لكن ورايات كثير -ضعيفة- أوردت قتله بالمنشار على يد جنود الملك الذي قتل يحيى من قبل.

بقلم/ حامد الشمري
١٨-١٠-٢٠١٣م