الأحد، 4 أغسطس 2013

قصة النبي العزير -عليه السلام

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الكريم وبعد فقد كان العزير رجلا صالحا حافظا للتوراة فينما كان ماشياً على حماره في حين من الأثناء مر عزير على قرية خاوية ليس فيها بشر فوقف متعجبا وقال: (أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا) فأماته الله مئة عام فقد قبض الله روحه وهو نائم ثم بعثه فاستيقظ عزير من نومه فأرسل الله له ملكا في صورة بشر: (قَالَ كَمْ لَبِثْتَ). فأجاب عزير: (قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) نمت يوما أو جزء من اليوم فرد الملك: (قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ) ويعقب الملك مشيرا إلى إعجاز الله عز وجل (فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ) أمره بأن ينظر لطعامه الذي ظل بجانبه مئة سنة فرآه سليما كما تركه لم ينتن ولم يتغير طعمه أو ريحه ثم أشار له إلى حماره فرآه قد مات وتحول إلى جلد وعظم ثم بين له الملك السر في ذلك (وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ) ويختتم كلامه بأمر عجيب (وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا) نظر عزير للحمار فرأى عظامه تتحرك فتتجمع فتتشكل بشكل الحمار ثم بدأ اللحم يكسوها ثم الجلد ثم الشعر فاكتمل الحمار أمام عينيه (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ثم خرج إلى قريته فرآها قد عمرت وامتلأت بالناس فسألهم: هل تعرفون عزيرا؟ قالوا: نعم نعرفه وقد مات منذ مئة سنة فقال لهم: أنا عزير فأنكروا عليه ذلك ثم دخل على عجوز معمّرة وسألوها عن أوصافه فوصفته لهم فتأكدوا أنه عزير فأخذ يعلمهم التوراة ويجددها لهم فبدأ الناس يقبلون عليه وعلى هذا الدين من جديد وأحبوه حبا شديدا وقدّسوه للإعجاز الذي ظهر فيه حتى وصل تقديسهم له أن قالوا عنه أنه ابن الله (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ) وقد ذكر الله قصته هاته في سورة البقرة الآية ٢٥٩ حيث قال:  أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ  [1].

مما هو شائع في الفكر العبراني عن عزير أنه ابن الله، وهذا مخالف لآراء المسلمين.

بقلم/حامد الشمري
٦-٨-٢٠١٣م

الخميس، 1 أغسطس 2013

قصة سليمان -عليه السلام-

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الكريم وبعد فاءن نبينا سليمان -عليه السلام- نبي من أنبياء الله أرسله الله إلى بني إسرائيل وتولَّى الملك بعد وفاة والده داود -عليهما السلام- وكان حاكمًا عادلاً بين الناس يقضي بينهم بما أنزل الله وسخر الله له أشياء كثيرة: كالإنس والجن والشياطين والطير والرياح والوحوش... وغير ذلك يعملون له ما يشاء بإذن ربه ولا يخرجون عن طاعته وإن خرج منهم أحدٌ وعصاه ولم ينفذ أمره عذبه عذابًا شديدًا قال تعالى: {ولسليمان الريح غدوها شهرًا ورواحها شهر وأرسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير . يعملون له ما يشاء من محاريب وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داوود شكرًا وقليل من عبادي الشكور} [سبأ:١٢-١٣] وعلم الله -سبحانه- سليمان لغة الطيور والحيوانات وكان له جيش عظيم قوى يتكون من البشر والجن والطير  قال تعالى: {وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون} [النحل:١٧].

وذات يوم كان سليمان يسير مع جنوده من الجن والإنس ومن فوقه الطير يظله فسمع صوت نملة تقول لزميلاتها: {يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون} [النمل:١٨] فتبسَّم سليمان من قول هذه النملة ورفع يده إلى السماء داعيًا ربه شاكرًا له على هذه النعمة فقال:
{رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ وعلى والدي وأن أعمل صالحًا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين} [النمل:١٩].

ومَّرت الأيام وبينما كان سليمان -عليه السلام- يسير وسط مملكته ويتفقد مواقعهم نظر ناحية الطير فلم يجد الهدهد بين الطيور وكان الهدهد قد ترك مكانه دون أن يعلم سليمان فغضب منه سليمان غضبًا عظيمًا وقال {لأعذبنه عذابًا شديدًا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين} [النمل:٢١] وغاب الهدهد فترة من الزمن ولما عاد أخبرته الطيور بسؤال سليمان عليه فذهب الهدهد على الفور إلى سليمان وقال له: {أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين . إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون} [النمل:٢٢-٢٤].
لقد وجد الهدهد قوم سبأ في اليمن يسجدون للشمس ويعبدونها من دون الله فحزن لذلك فلم يكن يتصور أن أحدًا يسجد لغير الله فأراد سليمان أن يتأكد من صدق الهدهد فكتب رسالة موجزة يدعو فيها الملكة وقومها إلى الإسلام والإيمان بالله -عز وجل- وترك ما هم عليه من عبادة الشمس وأعطاها للهدهد ليذهب بها إلى مملكة سبأ ثم ينتظر منهم الجواب فأخذ الهدهد كتاب سليمان وطار به إلى مملكة سبأ ثم دخل حجرة الملكة دون أن يشعر به أحد فألقى عليها الرسالة ثم وقف بعيدًا عنها يراقبها ويراقب قومها ماذا سيفعلون حينما يقرءون هذه الرسالة فأخذت الملكة الرسالة وقرأت ما فيها فأعجبت بها لكنها امتنعت عن أخذ أى قرار في شأن هذه الرسالة حتى تشاور كبار القوم من الأمراء والوزراء فدعتهم للحضور وأخبرتهم بما في هذه الرسالة وطلبت منهم المشورة في الأمر فاقترحوا عليها محاربة سليمان فهم أصحاب قوة لكن الملكة لم تقبل مبدأ الحرب والقتال لأنها استشعرت قوة سليمان واقترحت على قومها أن تبعث إليه بهدية تليق بمكانته وتنتظر رده فعله وبعد أيام وصل رسل الملكة ومعهم الهدايا العظيمة والكنوز الرائعة ودخلوا على سليمان ووضعوا الهدايا العظيمة أمامه فأعرض عنها سليمان -عليه السلام- ولم يقبلها منهم وقال لهم: {أتمدوننِ بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون} [النمل:٣٦] ثم توعدهم إن لم يسلموا سيأتى إليهم بجنود لا طاقة لهم بردِّها والوقوف أمامها ولما عاد رسل الملكة ذهبوا إليها وأخبروها بما حدث بينهم وبين سليمان وحدثوا عما رأو من قوته وبأسه وما سخره الله له فجمعت الملكة بلقيس كبار رجال دولتها من الوزراء والأمراء لتستشيرهم في أمر سليمان فرأوا أن يذهبوا جميعًا إليه مستسلمين وكان هذا هو رأي الملكة أيضًا وعندها رفعت حالة الطوارئ للجميع استعدادًا للذهاب إلى سليمان وعلم سليمان بمجيء بلقيس ملكة سبأ وقومها إليه والإيمان برسالته لذا أراد أن يريها آية من آيات الله العليم القدير لتعرف أنه مرسل من ربه فطلب سليمان من أعوانه أن يأتوه بعرشها قبل أن تصل إليه فأخبره عفريت من الجن أنه يستطيع أن يأتى بالعرش قبل أن يقوم من مجلسه وأخبره رجل آخر عنده علم من الكتاب أنه يستطيع أن يأتى بالعرش قبل أن يرتد إليه طرف عينه فأذن سليمان لهذا العبد الصالح الذي عنده علم من الكتاب بإحضار العرش وفي لحظات كان عرش بلقيس أمام سليمان فذكر سليمان نعمة الله عليه وفضله بأن جعل من جنوده من هو قادر على إحضار عرش بلقيس من اليمن إلى الشام في طرفة عين فقال: {هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم} [النمل:٤٠].

وقد أمر سليمان الجن أن يبنوا له قصرًا عظيمًا حتى يستقبل فيه ملكة سبأ وأشار عليهم أن تكون أرضية هذا القصر من زجاج شديد الصلابة والشفافية تمر المياه من تحته ثم يضعوا عرشها فيه بعد إدخال بعض التغيرات عليه لمعرفة هل ستهتدي الملكة أم لا؟ ومرت الأيام وشاع خبر وصول الملكة وقومها فخرج سليمان لاستقبالها ثم عاد بها إلى القصر الذي أعده لها وعند دخول ملكة سبأ هذا القصر وقع نظرها على العرش فأشار سليمان إليه وقال لها: أهكذا عرشك؟ فقالت في دهشة واستغراب مستبعدة أن يكون الذي أمامها هو عرشها حيث تركته هناك بأرض اليمن: كأنه هو !! فلما أقبلت بلقيس لدخول القصر رأت أمامها الماء ولم تر الزجاج فكشفت عن ساقيها خوفًا من أن يبتل ثوبها فأخبرها سليمان أن أرضية القصر مصنوعة من زجاج فلما رأت الملكة هذه الآيات أعلنت إسلامها وقالت: {رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين} [النمل: ٤٤]. 

#موت نبينا سليمان -عليه السلام-
أراد سليمان -عليه السلام- أن يبني بيتًا كبيرًا يُعْبد الله وحده وهو بيت المقدس فكلف الجن بعمل هذا البيت فاستجابوا له وكان من عادة سليمان أن يقف أمام الجن وهم يعملون حتى لا يتكاسلوا وبينما هو واقف يراقبهم وهو متكئ على عصاه وتسمى (المنسأة) مات دون أن تعلم الجن وكانوا ينظرون إليه وهو على هذه الحال فيظنون أنه يصلي ويذكر الله فيواصلون البناء دون انقطاع حتى انتهوا من بناء البيت المطلوب ولم يعرفوا أنه مات إلا بعد أن جاءت( الأرضة ) وهى نوع من النمل ظل يأكل وينحر فى عصا سليمان -عليه السلام- (المنسأة)حتى وقع جسده على الأرض فعلمت الجن أن سليمان قد مات  فأسرع الجن والإنس إليه فوجدوه ميتًا وأدرك الجن أنه مات من فترة طويلة قيل سنة وقيل أكثر ولو كانوا يعلمون ذلك لما استمروا في حمل الحجارة وبناء البيت قال تعالى:
{فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ}

بقلم/ حامد الشمري
١-٨-٢٠١٣م