أولا :المقدمة:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الكريم وبعد فإن الله عز وجل قد أمر باجتماع هذه الأمة ونهى عن التنازع قال تعالى (وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) سورة الأنفال ٤٦ ولن يحصل اجتماع للأمة إلا بالتمسك بالكتاب والسنة ولهذا أمر الله بالاعتصام بحبل الله المتين قال تعالى(وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ ) سورة آل عمران ١٠٣ وقبل أن نتكلم عن الدولة البويهية والدولة الفاطمية نحب أن نوضح بعض الأمور منها الدولة العباسية 132-656هجري وسقطت على يد المغول الدولة البويهية 334-447 هجري وسيطروا على اجزاء من العراق وبلاد فارس وسقطت على يد السلاجقة الدولة الفاطمية358-567هجري وسيطروا على المغرب العربي ومصر وبلاد الشام وسقطت على يد الأيوبيين بالإضافة إلى التعريج على القرامطة والحمدانيين.
ثانياً: يجب أن نعلم أن الدولة العبيدية البويهية والفاطمية بعيدة عن الإسلام وإليك اقوال العلماء في نسبهم وافكارهم:
قال العلامة ابن خلكان في وفيات الأعيان: (والجمهور على عدم صحة نسبهم وأنهم كذبة أدعياء لا حظ لهم في النسبة المحمدية أصلاً)(وفيات الأعيان(٣/١١٨)) وقال الذهبي في العبر في خبر من غبر: (المهدي عبيد الله والد الخلفاء الباطنية العبيدية الفاطمية افترى أنه من ولد جعفر الصادق (العبر في خبر من غبر (٢/١٩٩))
وقد ذكر غيرهما من المؤرخين أنه في ربيع الآخر من عام ٤٠٢ هـ، كتب جماعة من العلماء، والقضاة، والأشراف، والعدول، والصالحين المحدثين، وشهدوا جميعاً، أن الحاكم بمصر، وهو منصور الذي يرجع نسبه إلى سعيد مؤسس الدولة العبيدية لا نسب لهم في ولد علي بن أبي طالب، وأن الذي ادعوه إليه باطل وزور، وأنهم لا يعلمون أحداً من أهل بيوتات علي بن أبي طالب رضي الله عنه توقف عن إطلاق القول في أنهم خوارج الكذبة، وأن هذا الحاكم بمصر هو، وسلفه كفار، فساق، فجار، ملحدون، وزنادقة معطلون للإسلام جاحدون، ولمذهب المجوسية والثنوية معتقدون، قد عطلوا الحدود، وأباحوا الفروج، وأحلوا الخمر، وسفكوا الدماء، وسبوا الأنبياء، ولعنوا السلف، وادعوا الربوبية، وكتب هذا سنة اثنتين وأربعمائة.
وقد ذكر ابن كثير رحمه الله في كتاب البداية والنهاية بعد أن نقل هذا: (وقد كتب خطه في المحضر خلق كثير(البداية والنهاية (١١/٣٤٦)).
ثالثاً:أن حال تلك الدولة العبيدية الفاطمية أنهم يظهرون الرفض ويبطنون الكفر المحض:
قال الباقلاني رحمه الله عن القداح جد عبيد الله: وكان باطنياً خبيثاً حريصاً على إزالة ملة الإسلام أعدم العلماء والفقهاء ليتمكن من إغواء الخلق وجاء أولاده على أسلوبه أباحوا الخمور والفروج وأفسدوا عقائد الخلق (انظر: تاريخ الإسلام (٢٣/٢٤).
وقال أبو الحسن القابسي صاحب (الملخص) الذي قتله عبيد الله وبنوه بعده: أربعة آلاف رجل في دار النحر في العذاب ما بين عالم وعابد ليردهم عن الترضي عن الصحابة فاختاروا الموت أي: أن هؤلاء العبيديين قد نحروا أربعة آلاف من المسلمين الموحدين ما بين عالم وعابد لأجل أنهم يترضون عن الصحابة رضوان الله عليهم.
وقال السيوطي في تاريخ الخلفاء: (ومن جملة ذلك ابتداء الدولة العبيدية وناهيك بهم إفساداً وكفراً وقتلاً للعلماء والصلحاء (تاريخ الخلفاء( ١٥٦/ ١)
وقال الشاطبي المالكي في كتاب الاعتصام: (العبيدية الذين ملكوا مصر وإفريقية زعمت أن الأحكام الشرعية إنما هي خاصة بالعوام وأما الخواص منهم فقد ترقوا عن تلك المرتبة فالنساء بإطلاق حلال لهم كما أن جميع ما في الكون من رطب ويابس حلال لهم أيضاً مستدلين على ذلك بخرافات عجائز لا يرضاها ذو عقل (الاعتصام (٤٤/ ٢).
قال السيوطي في تاريخه: (ولم أورد أحداً من الخلفاء العبيديين لأن خلافتهم غير صحيحة وذكر أن جدهم مجوسي وإنما سماهم بالفاطميين جهلة العوام) (تاريخ الخلفاء) (ص٤).
#إن مما يتبين لكل أحد بعد الاطلاع على أقوال العلماء والمؤرخين أن هذه الدولة الفاطمية كان لها من الضرر والإضرار بالمسلمين ما يكفي في دفع كل من يرفع لوائها ويدعو بدعوتها لذلك نجد أن المسلمين في الماضي فرحوا بزوالها على يد الملك الصالح صلاح الدين الأيوبي رحمه الله في عام 567هـ فلا يجوز بعد هذا كله أن ندعو الناس إلى الانتساب إلى تلك الدولة العبيدية الضالة ومثل هذه الدعوة غش وخيانة للإسلام وأهله ونصيحتنا لأئمة المسلمين وعامتهم بالاعتصام بالكتاب والسنة وجمع القلوب عليهما.
رابعاً:جرائم وخيانات العبيديين:
لقد كان هؤلاء الباطنية في تاريخ الإسلام عيباً وشناراً وعاراً على أهل الإسلام لقد كانوا نصراء لكل ملحدويهودي ونصراني ممن غزو بلاد الإسلام أو طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد.
- قال ابن كثير رحمه الله في سنة ٤١١هـ: (مات الحاكم بن المعز الفاطمي صاحب مصر فاستبشر المؤمنون والمسلمون بذلك لأنه كان جباراً عنيداً وشيطاناً مريداً كان كثير التلون في أفعاله وأحكامه وكان يدعي الألوهية كما ادعها فرعون فأمر الرعية إذا ذكر الخطيب على المنبر اسمه أن يقوم الناس أثناء الخطبة على أقدامهم صفوفاً إعظاماً لذكر واحتراماً لإسمه وبلغ شره الحرمين الشريفين وكان قد أمر أهل مصر على الخصوص إذا قاموا عند ذكره خروا سجداً له حتى أنه ليسجد بسجودهم من في الأسواق من الرعاع وغيرهم وكذلك أمر في وقت لأهل الكتابين بالدخول في الإسلام ثم أذن لهم بالعودة إلى دينهم وابتنى مدارس لليهود وازداد ظلمه حتى عنَّ له أن يدعي الربوبية وأمر الناس أن يقولوا إذا رأوه يا واحد يا أحد يا محيي يا مميت (انظر : البداية والنهاية (١٠/ ١٢).
وقال ابن القيم رحمه الله في إغاثة اللهفان( عن ابن سيناء الذي يجهل كثير من المسلمين أنه من الملاحدة الباطنية وكان ابن سينا كما أخبر عن نفسه قال: أنا وأبي من أهل دعوة الحاكم فكان من القرامطة الباطنية الذين لا يؤمنون بمبدأ ولا معاد ولا رب خالق ولا رسول مبعوث جاء من عند الله تعالى (إغاثة اللهفان) (٢٦٦/ ٢).
وكذلك لما قامت الفرنجة الصليبية بغزو ديار الإسلام كانوا قد اتفقوا معهم ودعوهم إلى مصر وفعلاً جاء الفرنجة وحاصروا دمياط في سنة ٥٥٦هـ وضيقوا على أهلها وقتلوا أمماً كثيرة وجاءوا من البر والبحر وكان من فضل الله أن رد كيد الفرنجة والعبيديين الذين كاتبوهم ففشلت تلك الحملة.
ومن خياناتهم: أنه لما أقبلت جحافل الفرنج إلى الديار المصرية وبلغ ذلك أسد الدين شيراكوه فاستأذن الملك نور الدين محمود من أهل السنة في الذهاب إليها للتصدي لهم فلما بلغه أنهم قد اجتمعوا واستشار من معه خافوا وهموا بالرجوع إلا واحداً من المسلمين في جيش أسد الدين شيراكوه قال: أما من خاف القتل والأسر فليقعد في بيته عند زوجته ومن أكل أموال الناس فلا يسلم بلادهم على العدو وقال مثل ذلك صلاح الدين الأيوبي رحمه الله فعزم الله لهم فساروا نحو الفرنج فاقتتلوا قتالاً عظيماً فانتصر المسلمون والحمد لله.
وكان العبيديون أصحاب تسلط وجور وقد سجنوا من المسلمين من سجنوا وحرموا الإفتاء بمذهب مالك رحمه الله ومن يتجرأ على ذلك يضرب ويسجن ويقتل أحياناً وأجبروا الناس على الفطر قبل رؤية الهلال.
فهذا بعض من جرائمه نسأل الله أن يرد كيد الحاقدين على أهل الإسلام ونسأله سبحانه أن يعلي السنة وأهلها وأن ينصر الموحدين وأن يعز الدين إنه قوي متين.
خامساً:زوال آثار الخلافة على أيدي العبيديين:
وكانوا يعتمدون على اليهود في التوزير وجباية الضرائب والزكاة وكانوا يستشيرونهم في شؤون الاقتصاد والعلم،ك والطب ولما تولى العزيز الفاطمي الخلافة جعل وزيره اليهودي يعقوب بن كلس وجعل له أمر تعليم الناس فقه الطائفة البغيضة الباطنية التي ينتمون إليهاحتى ألف هذا اليهودي كتاباً في فقه هذه الطائفة ولا عجب أن يثيروا المؤامرات والفتن والدسائس في طول البلاد وعرضها فهكذا ديدنهم دائماً.
وقد ابتلوا أهل السنة ابتلاء عظيماً وكانت جرائمهم عبر التاريخ شاهدة على مذهبهم من الضلال وسوء الاعتقاد واتباع خطوات الشيطان والشرك الجلي والخفي واستحلال الدماء.
وقد انطووا على الضغينة والكراهية ولما كانت لهم دول عبر التاريخ الإسلامي ساموا فيها المسلمين أشد العذاب كدولة بني بويه ودولة العبيديين وكذلك الدولة الحمدانية على تفاوت فيما بينهم في الاضطهاد وكانت فرق الحشاشين والقرامطة تقوم بأنواع الغارات والسلب والنهب.
قال شيخ الإسلام في منهاج السنة:(وأن أصل كل فتنة وبلية ومن انضوى إليهم وكثير من السيوف التي سلت في الإسلام -يعني إراقة الدماء- إنما كانت من جهتهم، وبهم تسترت الزنادقة)(منهاج السنة(٣٧٠/ ٦) وما بعدها). وكانوا يعظمون القبور والمشاهد والأضرحة وكانوا يتلبسون بآل البيت تلبساً كما أظهر ذلك جدهم وكبيرهم ومؤسس مذهبهم الكلبي السبأي الذي أعلن عقيدته بعد ذلك وكان يتخفى في ما شرع لهم من التخفي والتستر ويقول: إن علياًَ لم يمت وإنه راجع إلى الدنيا وقد نشروا الإباحية والتحلل وجعلوا الصحابة شراً من إبليس.
قال في المنهاج: (فعلم أنهم أقرب الطوائف إلى النفاق وأبعدهم عن الإيمان ) (منهاج السنة(٤٢٦/ ٦) وما بعدها) وإذا تمكنوا لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة ومن ذلك أنهم أعانوا التتر على ما أوقعوه من المذابح في المسلمين ومنهم ابن العلقمي الباطني الذي قضى على خلافة المسلمين وكان جيش المسلمين قرابة مائة ألف فلم يزل يجتهد في تقليلهم إلى أن لم يبق سوى عشرة ألآلاف فكاتب التتر، وأطمعهم في أخذ بلاد المسلمين فنزل هولاكو على بغداد في الجانب الشرقي منها وهكذا جعل يتواصل مع ابن العلقمي الخبيث حتى أقنع الخليفة المستعصم أن يخرج إليه بمن معه من الأماثل والأفاضل والفقهاء وأشراف الناس ووجوههم على أن يعطى الأمان فلما وصلوا إليه واستكملوا قتلوهم جميعاً رحمهم الله.
وقال ابن كثير رحمه الله: (وقد اختلف الناس في كمية من قتل ببغداد من المسلمين في هذه الوقعة فقيل: ثمانمائة ألف وقيل: ألف ألف وثمانمائة ألف... والقتلى في الطرقات كأنها التّٓلول وقد سقط عليهم المطر فتغيرت صورهم وأنتنت من جيفهم البلد وتغير الهواء فحصل بسببه الوباء الشديد حتى تعدى وسرى إلى بلاد الشام فمات خلق كثير من تغير الجو وفساد الريح فاجتمع على الناس الغلاء والوباء والفناء والطعن والطاعون فإنا لله وإنا إليه راجعون (البداية والنهاية (
٢٠٢/ ١٣-٢٠٣).
ثم استمر حقدهم إلى أن وصل إلى بيت الله العتيق فقام عدو الله أبو طاهر القرمطي بالإغارة على مكة وقتل الحجيج في فجاج مكة وعرا البيت وقلع بابه واقتلع الحجر الأسود وأخذه وطرح القتلى في بئر زمزم وفعل أفعالاً لا يفعلها اليهود ولا النصارى أبداً وأخذوا الحجر إلى هجر وبقي عندهم حتى أعاده الله إلى المسلمين وكان أبو طاهر كان يقف على باب الكعبة والمسلمون يقتلون أمامه في المسجد الحرام وهو يقول يوم التروية: أنا لله وبالله أنا، يخلق الخلق وأفنيهم أنا (البداية والنهاية (١٦٠/ ١١).
قال ابن كثير رحمه الله: فكان الناس يفرون منهم ويتعلقون بأستار الكعبة فلا يجدي ذلك شيئاً وأمر بقلع كسوتها وشققها بين أصحابه وجعل يستهزأ بالناس وهو يقتلهم ويقول أين الطير الأبابيل أين الحجارة من سجيل (البداية والنهاية (١٦١/ ١١ ).
يقول الدكتور احمد يوسف الدعيج في سلسلة حديثة عن الدولة العباسية تمكن الروم بسبب سيطرة البويهيين على الحكم وضعف الدولة الإسلامية تمكنوا من السيطرة على حلب ثاني مدينة لها أهمية في بلاد الشام بعد دمشق سنة 351هجري وكانت حلب عاصمة الحمدانيين الشيعة قتلوا الألف منها وسبوا الألف من الصبا والصبايا وهدموا المساجد وكان أحمد البويهي اصدر أوامره في سب الصحابة سنة 351 هجري وفي تاريخ 352 هجري أمر أيضا بالإحتفال في غدير خم هذا في العراق أما العبيديين بعد أن تمكنو من السيطرة على مصر استولوا على دمشق سنة 359 هجري واستغل الروم الفرصة بسبب ضعف المسلمين وأسروا 100 الف من أهل الشام من الأطفال والنساء ودخلوا انطاكيا وأسروا 20 الف من المسلمين.
#الخاتمة:
هذه أمة مرحومة جعلت عافيتها في أولاها وسيصيب آخرها بلاء وفتنة ولذلك فإن المسلم يسأل الله العافية ويتمسك بالكتاب والسنة ويسأل الله أن يحييه على التوحيد وأن يميته عليه وأن يجعله مستمسكاً بالسنة طيلة حياته وهذا رأس مالنا إذا فقدناه فماذا بقي؟! وفي التاريخ عبر وعظات وكثير من الناس لا يعرفون من شأن هؤلاء الباطنيين شيئاً أو يعرفون عنهم شيئاً قليلاً والمسألة كما قلنا أخطر من اليهود وعباد الصليب وذلك فإن الابتلاء القائم في هذه الأمة يدفع المسلم إلى الاستمساك بالكتاب والسنة وأن يربي نفسه وأهله عليها والسلام.
بقلم / حامد الشمري
٣-١-٢٠١٣م