الجمعة، 31 يناير 2014

قصة أصحاب الرس

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الكريم وبعد فاءن قصة أصحاب الرس قد ورد ذكرهم في القرآن الكريم في سورة الفرقان(وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا (٣٨) وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا(  ٣٩ )) وورد ذكرها أيضا في سورة ق (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (١٢) وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ ( ١٣) وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ( ١٤))

قوله تعالى: وعاداً وثمود وأصحاب الرس وقروناً بين ذلك كثيرا أي اذكر عاداً الذين كذبوا هوداً فأهلكم الله بالريح العقيم، وثموداً كذبوا صالحاً فأهلكوا بالرجفة أما أصحاب الرس والرس في كلام العرب البئر التي تكون غير مطوية قال عنهم العلماء:

قال ابن عباس: سألت كعباً عن أصحاب الرس قال : صاحب يس الذي قال : يا قوم اتبعوا المرسلين ( يس : ٢٠) قتله قومه ورسوه في بئر لهم يقال لها الرس طرحوه فيها وكذا قال مقاتل.

وقال علي: هم قوم كانوا يعبدون شجرة صنوبر فدعا عليهم نبيهم وكان من ولد يهوذا فيبست الشجرة فقتلوه ورسوه في البئر فأظلتهم سحابة سوداء فأحرقتهم.

وقال وهب بن منبه: كانوا أهل بئر يقعدون عليها وأصحاب مواشي وكانوا يعبدون الأصنام فأرسل الله إليهم شعيباً فكذبوه وآذوه وتمادوا على كفرهم وطغيانهم فبينما هم حول البئر في منازلهم انهارت بهم وبديارهم فخسف الله بهم فهلكوا جميعاً.

قال ابن جُرَيْج عن ابن عباس: هم أهل قرية من قرى ثمود.

وقال سفيان الثوري عن أبي بُكَيْر عن عكرمة: الرس بئر رَسوا فيها نبيهم أي: دفنوه بها.

بقلم/ حامد الشمري
١-٢-٢٠١٤م

الثلاثاء، 21 يناير 2014

قصة الخضر

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الكريم وبعد فقداختلف المفسرون في الخضر فمنهم من قال أنه عبد صالح وهبه الله نعمة عظيمة من العلم وفضلاً كبيراً ومنهم من قال أنه نبي وهذا أقوى وقد بدأت حكاية موسى عليه السلام مع الخضر عليهما السلام حينما كان موسى عليه الصلاة والسلام يخطب يوماً في بني إسرائيل فقام أحدهم سائلاً: هل على وجه الأرض أعلم منك؟ فقال موسى: لا فعاتبه الله على ذلك لأنه لم يكلن يعلم أن هناك من أفضل منه فقال له الله: إنَّ لي عبداً أعلم منك وإنَّه في مجمع البحرين وذكر له أن علامة مكانه هي فقد الحوت(السمكة) فأخذ حوتاً معه في (مِكْتَل ) وسار هو وفتاه يوشع بن نون فناموا عند صخرة ونسي يوشع بن نون (السمكة) التي وضعها في (مِكْتَل ) ثم استيقظوا وساروا وهما في الطريق قال موسى ليوشع لنأكل بعض الطعام فقال يوشع لقد نسيت (المتكل ) عند الصخرة فتوجه موسى إلى تلك الصخرة ووجدوا الخضر وسميا بالخضر لأنه كان يجلس في أرض خضراء وقيل كلما جلس الخضر في مكان أخضرَّ الذي تحته وقدحكت لنا سورة الكهف كيف التقى موسى مع العبد الصالح الخضر إذ بدأت الحكاية في القرآن الكريم بعزم موسى عليه السلام على الرحلة إلى مَجْمع البحرين في طلب العلم  كما قال تعالى : ( وَإذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ البَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً ).
وتستمر القصة حين يعرض موسى عليه السلام على الخضر مرافقته لطلب العلم والشرط بينهما وما حصل أثناء هذه الرحلة من أحداث في تسلسل قرآني جميل:( قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ( ٦٦) قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٦٧) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا ( ٦٨) قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (  ٦٩)قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا   (٧٠) ).

قال الخضرلموسى:إن صحبتني آخذ عليك عهدًا وشرطًا أن لا تسألني عن شيء حتى ينقضي الشرط وتنتهي الرحلة وإني بعدها سأبيّن لك ما استشكل عليك وأشفي ما بصدرك (فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (٧١) )
بينما هما في السفينة فوجئ موسى بأنّ الخضر أخذ لوحين من خشب السفينة وخرق السفينةً فاستنكر موسى من هذا التصرف وذكّره الخضر بالشرط والعهد فتذكّر موسى وقال: لا تؤاخذني بما نسيت ، وبينما هما على السفينة أيضاًإذ جاء عصفور فوقع على حرفها فغمس منقاره في البحر فقال الخضر لموسى: (ما علمي وعلمك في جنب علم الله إلا كما نقر هذا العصفور من البحر) ولما غادرا السفينة موسى والخضر تابعا المسير فوجدا غِلمانًا وفتيانًا يلعبون فأخذ الخضر واحدًا منهم كان كافرا لصًا قاطعًا للطريق وكان يُفسد ويقسم لأبويه أنه ما فعل فأخذه الخضر إلى بعيد أضجعه وقتله كما أخبر الله عزّ وجل (فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (  ٧٤) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (  ٧٥ ))
فاعتذر له موسى وأكمل موسى والخضر طريقهما وانطلقا حتى أتيا قريةً وكان أهلها بخلاء لئامًا فطافا في المجالس وطلبا طعامًا فلم يقدّم أهل القرية لهما شيئا وردّوهما رداً غير جميل فخرجا جائعين وقبل أن يتجاوزا القرية وجدا جدارًا يتداعى للسقوط ويكاد ينهار فرفعه الخضر بمعجزةٍ له بيده ومسحه فاستقام واقفًا فاستغرب موسى وقال: عَجَبًا أتجازي هؤلاء القوم الذين أساءوا اللقاء بهذا الإحسان لو شئت لأخذت على فِعْلِك هذا أجرًا منهم أي مبلغاً من المال نسدّ به حاجتنا قال تعالى (فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (٧٧)قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا( ٧٨) ) فتيقّن الخضر أنّ موسى لن يستطيع بعد الآن صبرًا  قَالَ (هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (٧٨))
 أما السفينة التي خرقها فكانت لمساكين يعملون في البحر فيصيبون منها رزقًاوكان عليهم ملك فاجر يأخذ كل سفينة سليمة تمرّ في بحره غصبًا ويترك التي فيها خلل وأعطال فأظهر الخضر فيها عيبًا حتى إذا جاء خدام الملك تركوها للعيب الذي فيها ثم أصلحها وبقيت لهم وأما الغلام الذي قتله الخضر كان كافرا وأبواه مؤمنين وكانا يعطفان عليه قال الخضر كرهت أن يحملهما حبّه على أي يتابعاه على كفره فأمرني الله أن أقتله باعتبار ما سيؤول أمره إليه إذ لو عاش لأتعب والديه بكفره ولله أن يحكم في خلقه بما يشاء وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وتحت الجدار كنْزٌ لهماولَمّا كان الجدار مشرفًا على السقوط ولو سقط لضاع ذلك الكنْز أراد الله إبقاءه لليتيمين رعاية لحقّهما ثم قال الخضر ( وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا).

بقلم/ حامد الشمري
٢٢-١-٢٠١٤م

الاثنين، 6 يناير 2014

قصة أصحاب الفيل

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الكريم وبعد فقد كان سبب قصة أصحاب الفيل  أن أبرهة بن الصباح الأشرم كان عاملا للنجاشي ملك الحبشة على اليمن فرأى الناس يتجهزون أيام الموسم إلى مكة  شرفها الله فبنى كنيسة بصنعاء وكتب إلى النجاشي إني بنيت لك كنيسة لم يبن مثلها ولست منتهيا حتى أصرف إليها حج العرب فسمع به رجل من بني كنانة فدخلها ليلا  فلطخ قبلتها بالعذرة فقال أبرهة من الذي اجترأ على هذا ؟ قيل رجل من أهل ذلك البيت سمع بالذي قلت فحلف أبرهة ليسيرن إلى الكعبة حتى يهدمها وكتب إلى النجاشي يخبره بذلك فسأله أن يبعث إليه بفيله وكان له فيل يقال له محمود لم ير مثله عظما وجسما وقوة فبعث به إليه فخرج أبرهة سائرا إلى مكة فسمعت العرب بذلك فأعظموه ورأوا جهاده حقا عليهم فخرج ملك من ملوك اليمن  يقال له ذو نفر فقاتله فهزمه أبرهة وأخذه أسيرا فلما أراد قتله قال له ذو نفر أيها الملك لا تقتلنى واستبقنى خيرا لك  فاستبقاه وكان أبرهة رجلا حليما فسار حتى إذا دنا من بلاد خثعم خرج إليه نفيل بن حبيب الخثعمي ومن اجتمع إليه من قبائل العرب فقاتلوهم فهزمهم أبرهة فأخذ نفيلا فقال له أيها الملك إنني دليلك بأرض العرب وهاتان يداي على قومي بالسمع والطاعة فاستبقني خيرا لك  فاستبقاه وخرج معه يدله على الطريق فلما مر بالطائف خرج إليه مسعود بن معتب في رجال من ثقيف فقال له أيها الملك نحن عبيدك ونحن نبعث معك من يدلك فبعثوا معه بأبي رغال مولى لهم  فخرج حتى إذا كان بالمغمس مات أبو رغال وهو الذي يرجم قبره وبعث أبرهة رجلا من الحبشة  يقال له الأسود بن مفصود على مقدمة خيله وأمر بالغارة على نعم الناس فجمع الأسود إليه أموال الحرم وأصاب لعبد المطلب مائتي بعير ثم بعث رجلا من حمير إلى أهل مكة  فقال أبلغ شريفها أنني لم آت لقتال بل جئت لأهدم البيت فانطلق فقال لعبد المطلب ذلك فقال عبد المطلب : ما لنا به يدان سنخلي بينه وبين ما جاء له  فإن هذا بيت الله وبيت خليله إبراهيم فإن يمنعه فهو بيته وحرمه وإن يخل بينه وبين ذلك فوالله ما لنا به من قوة قال فانطلق معي إلى الملك وكان ذو نفر صديقا لعبد المطلب  فأتاه فقال يا ذا نفر هل عندك غناء فيما نزل بنا ؟ فقال ما غناء رجل أسير لا يأمن أن يقتل بكرة أو عشيا  ولكن سأبعث إلى أنيس سائس الفيل فإنه لي صديق فأسأله أن يعظم خطرك عند الملك  فأرسل إليه فقال لأبرهة إن هذا سيد قريش يستأذن عليك  وقد جاء غير ناصب لك ولا مخالف لأمرك  وأنا أحب أن تأذن له وكان عبد المطلب رجلا جسيما وسيما  فلما رآه أبرهة أعظمه وأكرمه وكره أن يجلس معه على سريره وأن يجلس تحته فهبط إلى البساط فدعاه فأجلسه معه  فطلب منه أن يرد عليه مائتي البعير التي أصابها من ماله فقال أبرهة لترجمانه قل له إنك كنت أعجبتني حين رأيتك ولقد زهدت فيك  قال لم ؟ قال جئت إلى بيت هو دينك ودين آبائك  وشرفكم وعصمتكم  لأهدمه فلم تكلمني فيه وتكلمني في مائتي بعير ؟ قال أنا رب الإبل  والبيت له رب يمنعه منك فقال ما كان ليمنعه مني قال فأنت وذاك  فأمر بإبله فردت عليه  ثم خرج وأخبر قريشا الخبر وأمرهم أن يتفرقوا في الشعاب ويتحرزوا في رءوس الجبال خوفا عليهم من معرة الجيش  ففعلوا  ثم توجه في بعض تلك الوجوه مع قومه وأصبح أبرهة بمنطقة اسمها (المغمس) قد تهيأ للدخول  وعبأ جيشه  وهيأ فيه  فأقبل نفيل إلى الفيل  فأخذ بأذنه  فقال ابرك محمود  فإنك في بلد الله الحرام فبرك الفيل فبعثوه فأبى فوجهوه إلى اليمن  فقام يهرول  ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك  ووجهوه إلى المشرق ففعل ذلك فصرفوه إلى الحرم فبرك  وخرج نفيل يشتد حتى صعد الجبل فأرسل الله طيرا من قبل البحر مع كل طائر ثلاثة أحجار حجران في رجليه وحجر في منقاره  فلما غشيت القوم أرسلتها عليهم فلم تصب تلك الحجارة أحدا إلا هلك  وليس كل القوم أصابت فخرج البقية هاربين يسألون عن نفيل ليدلهم على الطريق إلى اليمن .  

ويقول الطبري :

(خرجوا يتساقطون بكل طريق ويهلكون على كل منهل فأصيب أبرهة في جسده وخرجوا به معهم فسقطت أنامله أنملة أنملة كلما سقطت أنملة أتبعتها مدة تمث قيحا ودما حتى قدموا به صنعاء وهو مثل فرخ الطير فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه فيما يزعمون)
وكان الطبري ينهي كل فقرة بعبارة والله أعلم.

بقلم / حامد الشمري
٧-١-٢٠١٤م

الجمعة، 3 يناير 2014

الدولة الباطنية البويهية والفاطمية

أولا :المقدمة:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الكريم وبعد فإن الله عز وجل قد أمر باجتماع هذه الأمة ونهى عن التنازع قال تعالى (وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) سورة الأنفال ٤٦ ولن يحصل اجتماع للأمة إلا بالتمسك بالكتاب والسنة ولهذا أمر الله بالاعتصام بحبل الله المتين قال تعالى(وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ ) سورة آل عمران ١٠٣ وقبل أن نتكلم عن الدولة البويهية والدولة الفاطمية نحب أن نوضح بعض الأمور منها الدولة العباسية 132-656هجري وسقطت على يد المغول الدولة البويهية 334-447 هجري وسيطروا على اجزاء من العراق وبلاد فارس  وسقطت على يد السلاجقة الدولة الفاطمية358-567هجري وسيطروا على المغرب العربي ومصر وبلاد الشام  وسقطت على يد الأيوبيين بالإضافة إلى التعريج على القرامطة والحمدانيين.

ثانياً: يجب أن نعلم أن الدولة العبيدية البويهية والفاطمية بعيدة عن الإسلام وإليك اقوال العلماء في نسبهم وافكارهم:
 
قال العلامة ابن خلكان في وفيات الأعيان: (والجمهور على عدم صحة نسبهم وأنهم كذبة أدعياء لا حظ لهم في النسبة المحمدية أصلاً)(وفيات الأعيان(٣/١١٨)) وقال الذهبي في العبر في خبر من غبر: (المهدي عبيد الله والد الخلفاء الباطنية العبيدية الفاطمية افترى أنه من ولد جعفر الصادق (العبر في خبر من غبر (٢/١٩٩))

وقد ذكر غيرهما من المؤرخين أنه في ربيع الآخر من عام ٤٠٢ هـ، كتب جماعة من العلماء، والقضاة، والأشراف، والعدول، والصالحين المحدثين، وشهدوا جميعاً، أن الحاكم بمصر، وهو منصور الذي يرجع نسبه إلى سعيد مؤسس الدولة العبيدية لا نسب لهم في ولد علي بن أبي طالب، وأن الذي ادعوه إليه باطل وزور، وأنهم لا يعلمون أحداً من أهل بيوتات علي بن أبي طالب رضي الله عنه توقف عن إطلاق القول في أنهم خوارج الكذبة، وأن هذا الحاكم بمصر هو، وسلفه كفار، فساق، فجار، ملحدون، وزنادقة معطلون للإسلام جاحدون، ولمذهب المجوسية والثنوية معتقدون، قد عطلوا الحدود، وأباحوا الفروج، وأحلوا الخمر، وسفكوا الدماء، وسبوا الأنبياء، ولعنوا السلف، وادعوا الربوبية، وكتب هذا سنة اثنتين وأربعمائة.
 
وقد ذكر ابن كثير رحمه الله في كتاب البداية والنهاية بعد أن نقل هذا: (وقد كتب خطه في المحضر خلق كثير(البداية والنهاية (١١/٣٤٦)).
 
ثالثاً:أن حال تلك الدولة العبيدية الفاطمية أنهم يظهرون الرفض ويبطنون الكفر المحض:
 
قال الباقلاني رحمه الله عن القداح جد عبيد الله: وكان باطنياً خبيثاً حريصاً على إزالة ملة الإسلام أعدم العلماء والفقهاء ليتمكن من إغواء الخلق وجاء أولاده على أسلوبه أباحوا الخمور والفروج وأفسدوا عقائد الخلق (انظر: تاريخ الإسلام (٢٣/٢٤).
 
وقال أبو الحسن القابسي صاحب (الملخص) الذي قتله عبيد الله وبنوه بعده: أربعة آلاف رجل في دار النحر في العذاب ما بين عالم وعابد ليردهم عن الترضي عن الصحابة فاختاروا الموت أي: أن هؤلاء العبيديين قد نحروا أربعة آلاف من المسلمين الموحدين ما بين عالم وعابد لأجل أنهم يترضون عن الصحابة رضوان الله عليهم.
 
وقال السيوطي في تاريخ الخلفاء: (ومن جملة ذلك ابتداء الدولة العبيدية وناهيك بهم إفساداً وكفراً وقتلاً للعلماء والصلحاء (تاريخ الخلفاء( ١٥٦/ ١)

وقال الشاطبي المالكي في كتاب الاعتصام: (العبيدية الذين ملكوا مصر وإفريقية زعمت أن الأحكام الشرعية إنما هي خاصة بالعوام وأما الخواص منهم فقد ترقوا عن تلك المرتبة فالنساء بإطلاق حلال لهم كما أن جميع ما في الكون من رطب ويابس حلال لهم أيضاً مستدلين على ذلك بخرافات عجائز لا يرضاها ذو عقل (الاعتصام (٤٤/ ٢).

 
قال السيوطي في تاريخه: (ولم أورد أحداً من الخلفاء العبيديين لأن خلافتهم غير صحيحة وذكر أن جدهم مجوسي وإنما سماهم بالفاطميين جهلة العوام) (تاريخ الخلفاء) (ص٤).
 
#إن مما يتبين لكل أحد بعد الاطلاع على أقوال العلماء والمؤرخين أن هذه الدولة الفاطمية كان لها من الضرر والإضرار بالمسلمين ما يكفي في دفع كل من يرفع لوائها ويدعو بدعوتها لذلك نجد أن المسلمين في الماضي فرحوا بزوالها على يد الملك الصالح صلاح الدين الأيوبي رحمه الله في عام 567هـ فلا يجوز بعد هذا كله أن ندعو الناس إلى الانتساب إلى تلك الدولة العبيدية الضالة ومثل هذه الدعوة غش وخيانة للإسلام وأهله ونصيحتنا لأئمة المسلمين وعامتهم بالاعتصام بالكتاب والسنة وجمع القلوب عليهما.

 رابعاً:جرائم وخيانات العبيديين:
 
 
لقد كان هؤلاء الباطنية في تاريخ الإسلام عيباً وشناراً وعاراً على أهل الإسلام لقد كانوا نصراء لكل ملحدويهودي ونصراني ممن غزو بلاد الإسلام أو طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد.
 
- قال ابن كثير رحمه الله في سنة ٤١١هـ: (مات الحاكم بن المعز الفاطمي صاحب مصر فاستبشر المؤمنون والمسلمون بذلك لأنه كان جباراً عنيداً وشيطاناً مريداً كان كثير التلون في أفعاله وأحكامه وكان يدعي الألوهية كما ادعها فرعون فأمر الرعية إذا ذكر الخطيب على المنبر اسمه أن يقوم الناس أثناء الخطبة على أقدامهم صفوفاً إعظاماً لذكر واحتراماً لإسمه وبلغ شره الحرمين الشريفين وكان قد أمر أهل مصر على الخصوص إذا قاموا عند ذكره خروا سجداً له حتى أنه ليسجد بسجودهم من في الأسواق من الرعاع وغيرهم وكذلك أمر في وقت لأهل الكتابين بالدخول في الإسلام ثم أذن لهم بالعودة إلى دينهم وابتنى مدارس لليهود وازداد ظلمه حتى عنَّ له أن يدعي الربوبية وأمر الناس أن يقولوا إذا رأوه يا واحد يا أحد يا محيي يا مميت (انظر : البداية والنهاية  (١٠/ ١٢).
 
وقال ابن القيم رحمه الله في إغاثة اللهفان( عن ابن سيناء الذي يجهل كثير من المسلمين أنه من الملاحدة الباطنية وكان ابن سينا كما أخبر عن نفسه قال: أنا وأبي من أهل دعوة الحاكم فكان من القرامطة الباطنية الذين لا يؤمنون بمبدأ ولا معاد ولا رب خالق ولا رسول مبعوث جاء من عند الله تعالى (إغاثة اللهفان) (٢٦٦/ ٢).
 
وكذلك لما قامت الفرنجة الصليبية بغزو ديار الإسلام كانوا قد اتفقوا معهم ودعوهم إلى مصر وفعلاً جاء الفرنجة وحاصروا دمياط في سنة  ٥٥٦هـ وضيقوا على أهلها وقتلوا أمماً كثيرة وجاءوا من البر والبحر وكان من فضل الله أن رد كيد الفرنجة والعبيديين الذين كاتبوهم ففشلت تلك الحملة.
 
ومن خياناتهم: أنه لما أقبلت جحافل الفرنج إلى الديار المصرية وبلغ ذلك أسد الدين شيراكوه فاستأذن الملك نور الدين محمود من أهل السنة في الذهاب إليها للتصدي لهم فلما بلغه أنهم قد اجتمعوا واستشار من معه خافوا وهموا بالرجوع إلا واحداً من المسلمين في جيش أسد الدين شيراكوه قال: أما من خاف القتل والأسر فليقعد في بيته عند زوجته ومن أكل أموال الناس فلا يسلم بلادهم على العدو وقال مثل ذلك صلاح الدين الأيوبي رحمه الله فعزم الله لهم فساروا نحو الفرنج فاقتتلوا قتالاً عظيماً فانتصر المسلمون والحمد لله.
 
وكان العبيديون أصحاب تسلط وجور وقد سجنوا من المسلمين من سجنوا وحرموا الإفتاء بمذهب مالك رحمه الله ومن يتجرأ على ذلك يضرب ويسجن ويقتل أحياناً وأجبروا الناس على الفطر قبل رؤية الهلال.
 
فهذا بعض من جرائمه نسأل الله أن يرد كيد الحاقدين على أهل الإسلام ونسأله سبحانه أن يعلي السنة وأهلها وأن ينصر الموحدين وأن يعز الدين إنه قوي متين.
 
خامساً:زوال آثار الخلافة على أيدي العبيديين:
 
 وكانوا يعتمدون على اليهود في التوزير وجباية الضرائب والزكاة وكانوا يستشيرونهم في شؤون الاقتصاد والعلم،ك والطب ولما تولى العزيز الفاطمي الخلافة جعل وزيره اليهودي يعقوب بن كلس وجعل له أمر تعليم الناس فقه الطائفة البغيضة الباطنية التي ينتمون إليهاحتى ألف هذا اليهودي كتاباً في فقه هذه الطائفة ولا عجب أن يثيروا المؤامرات والفتن والدسائس في طول البلاد وعرضها فهكذا ديدنهم دائماً.
 
وقد ابتلوا أهل السنة ابتلاء عظيماً وكانت جرائمهم عبر التاريخ شاهدة على مذهبهم من الضلال وسوء الاعتقاد واتباع خطوات الشيطان والشرك الجلي والخفي واستحلال الدماء.
 
وقد انطووا على الضغينة والكراهية ولما كانت لهم دول عبر التاريخ الإسلامي ساموا فيها المسلمين أشد العذاب كدولة بني بويه ودولة العبيديين وكذلك الدولة الحمدانية على تفاوت فيما بينهم في الاضطهاد وكانت فرق الحشاشين والقرامطة تقوم بأنواع الغارات والسلب والنهب.

 
قال شيخ الإسلام في منهاج السنة:(وأن أصل كل فتنة وبلية ومن انضوى إليهم وكثير من السيوف التي سلت في الإسلام -يعني إراقة الدماء- إنما كانت من جهتهم، وبهم تسترت الزنادقة)(منهاج السنة(٣٧٠/ ٦) وما بعدها). وكانوا يعظمون القبور والمشاهد والأضرحة وكانوا يتلبسون بآل البيت تلبساً كما أظهر ذلك جدهم وكبيرهم ومؤسس مذهبهم الكلبي السبأي الذي أعلن عقيدته بعد ذلك وكان يتخفى في ما شرع لهم من التخفي والتستر ويقول: إن علياًَ لم يمت وإنه راجع إلى الدنيا وقد نشروا الإباحية والتحلل وجعلوا الصحابة شراً من إبليس.
 
قال في المنهاج: (فعلم أنهم أقرب الطوائف إلى النفاق وأبعدهم عن الإيمان ) (منهاج السنة(٤٢٦/ ٦) وما بعدها) وإذا تمكنوا لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة ومن ذلك أنهم أعانوا التتر على ما أوقعوه من المذابح في المسلمين ومنهم ابن العلقمي الباطني الذي قضى على خلافة المسلمين وكان جيش المسلمين قرابة مائة ألف فلم يزل يجتهد في تقليلهم إلى أن لم يبق سوى عشرة ألآلاف فكاتب التتر، وأطمعهم في أخذ بلاد المسلمين فنزل هولاكو على بغداد في الجانب الشرقي منها وهكذا جعل يتواصل مع ابن العلقمي الخبيث حتى أقنع الخليفة المستعصم أن يخرج إليه بمن معه من الأماثل والأفاضل والفقهاء وأشراف الناس ووجوههم على أن يعطى الأمان فلما وصلوا إليه واستكملوا قتلوهم جميعاً رحمهم الله.
 
وقال ابن كثير رحمه الله: (وقد اختلف الناس في كمية من قتل ببغداد من المسلمين في هذه الوقعة فقيل: ثمانمائة ألف وقيل: ألف ألف وثمانمائة ألف... والقتلى في الطرقات كأنها التّٓلول وقد سقط عليهم المطر فتغيرت صورهم وأنتنت من جيفهم البلد وتغير الهواء فحصل بسببه الوباء الشديد حتى تعدى وسرى إلى بلاد الشام فمات خلق كثير من تغير الجو وفساد الريح فاجتمع على الناس الغلاء والوباء والفناء والطعن والطاعون فإنا لله وإنا إليه راجعون (البداية والنهاية (٢٠٢/ ١٣-٢٠٣). 

ثم استمر حقدهم إلى أن وصل إلى بيت الله العتيق فقام عدو الله أبو طاهر القرمطي بالإغارة على مكة وقتل الحجيج في فجاج مكة وعرا البيت وقلع بابه واقتلع الحجر الأسود وأخذه وطرح  القتلى في بئر زمزم وفعل أفعالاً لا يفعلها اليهود ولا النصارى أبداً وأخذوا الحجر إلى هجر وبقي عندهم حتى أعاده الله إلى المسلمين وكان أبو طاهر كان يقف على باب الكعبة والمسلمون يقتلون أمامه في المسجد الحرام وهو يقول يوم التروية: أنا لله وبالله أنا، يخلق الخلق وأفنيهم أنا (البداية والنهاية (١٦٠/ ١١).
قال ابن كثير رحمه الله: فكان الناس يفرون منهم ويتعلقون بأستار الكعبة فلا يجدي ذلك شيئاً وأمر بقلع كسوتها وشققها بين أصحابه وجعل يستهزأ بالناس وهو يقتلهم ويقول أين الطير الأبابيل أين الحجارة من سجيل (البداية والنهاية (١٦١/ ١١ ).
 
يقول الدكتور احمد يوسف الدعيج في سلسلة حديثة عن الدولة العباسية  تمكن الروم بسبب سيطرة البويهيين على الحكم وضعف الدولة الإسلامية تمكنوا من السيطرة على حلب ثاني مدينة لها أهمية في بلاد الشام بعد دمشق  سنة 351هجري وكانت حلب عاصمة الحمدانيين الشيعة قتلوا الألف منها وسبوا الألف من الصبا والصبايا وهدموا المساجد وكان أحمد البويهي اصدر أوامره في سب الصحابة سنة 351 هجري وفي تاريخ 352 هجري أمر أيضا بالإحتفال في غدير خم هذا في العراق أما العبيديين بعد أن تمكنو من السيطرة على مصر استولوا على دمشق سنة 359 هجري واستغل الروم الفرصة بسبب ضعف المسلمين وأسروا 100 الف من أهل الشام من الأطفال والنساء ودخلوا انطاكيا وأسروا 20 الف من المسلمين.
 
#الخاتمة:

هذه أمة مرحومة جعلت عافيتها في أولاها وسيصيب آخرها بلاء وفتنة ولذلك فإن المسلم يسأل الله العافية ويتمسك بالكتاب والسنة ويسأل الله أن يحييه على التوحيد وأن يميته عليه وأن يجعله مستمسكاً بالسنة طيلة حياته وهذا رأس مالنا إذا فقدناه فماذا بقي؟! وفي التاريخ عبر وعظات وكثير من الناس لا يعرفون من شأن هؤلاء الباطنيين شيئاً أو يعرفون عنهم شيئاً قليلاً والمسألة كما قلنا أخطر من اليهود وعباد الصليب وذلك فإن الابتلاء القائم في هذه الأمة يدفع المسلم إلى الاستمساك بالكتاب والسنة وأن يربي نفسه وأهله عليها والسلام.
 
 
بقلم / حامد الشمري
٣-١-٢٠١٣م

قصة أصحاب السبت

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الكريم وبعد فقد ورد ذكر قصة أصحاب السبت  في سورة البقرة كما ورد ذكرها بتفصيل أكثر في سورة الأعرف الآيات ١٦٣-١٦٦قال الله تعالى في سورة الأعراف (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ) وقال تعالى في سورة البقرة( وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ). وقال الله تعالى في سورة النساء( أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا).

القصة:
هم جماعة من اليهود كانوا يسكنون في قرية ساحلية اختلف المفسرون في اسمها والقرآن الكريم لا يذكر الاسم ويكتفي بعرض القصة لأخذ العبرة منها فالمبهم في القرآن مبهم وكان اليهود لا يعملون يوم السبت وإنما يتفرغون فيه لعبادة الله فقد فرض الله عليهم عدم الانشغال بأمور الدنيا يوم السبت بعد أن طلبوا منه سبحانه أن يخصص لهم يوما للراحة والعبادة لا عمل فيه سوى التقرب لله بأنواع العبادة المختلفة وجرت سنّة الله في خلقه وحان موعد الاختبار والابتلاء لقد ابتلاهم الله عز وجل بأن جعل الحيتان تأتي يوم السبت للساحل وتتراءى لأهل القرية بحيث يسهل صيدها ثم تبتعد بقية أيام الأسبوع فانهارت عزائم فرقة من القوم واحتالوا الحيل وبدوا بالصيد يوم السبت لم يصطادوا السمك مباشرة وإنما أقاموا الحواجز والحفر فإذا قدمت الحيتان حاوطوها يوم السبت ثم اصطادوها يوم الأحد فكان هذا الاحتيال بمثابة صيد وهو محرّم عليهم.

انقسم أهل القرية لثلاث فرق:
١- فرقة عاصية تصطاد بالحيلة.
٢- وفرقة لا تعصي الله وتقف موقفا إيجابيا مما يحدث فتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتحذّر المخالفين من غضب الله.
٣- وفرقة ثالثة سلبية لا تعصي الله لكنها لا تنهى عن المنكر.

وكانت الفرقة الثالثة تتجادل مع الفرقة الناهية عن المنكر وتقول لهم: ما فائدة نصحكم لهؤلاء العصاة؟ إنهم لن يتوفقوا عن احتيالهم وسيصبهم من الله عذاب أليم بسبب أفعالهم فلا يفيد من تحذيركم  لهم بعدما كتب الله عليهم الهلاك لانتهاكهم حرماته وبصرامة المؤمن الذي يعرف واجباته كان الناهون عن المنكر يجيبون: إننا نقوم بواجبنا في الأمر بالمعروف وإنكار المنكر لنرضي الله سبحانه ولا تكون علينا حجة يوم القيامة وربما تفيد هذه الكلمات فيعودون إلى رشدهم ويتركون عصيانهم.

 وبعدما استكبر العصاة المحتالون ولم تجد كلمات المؤمنين نفعا معهم جاء أمر الله وحل بالعصاة العذاب لقد عذّب الله العصاة وأنجى الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر أما الفرقة الثالثة التي لم تعص الله لكنها لم تنه عن المنكر فقد سكت النصّ القرآني عنها. ، لقد كان العذاب شديدا على العصاة لقد مسخهم الله وحوّلهم لقردة عقابا لهم لإمعانهم في المعصية وتحكي بعض الروايات أن الناهون عن المنكر أصبحوا ذات يوم في مجالسهم ولم يخرج من المعتدين العاصين أحد فتعجبوا وذهبوا لينظرون ما الأمر وقد بنو بينهم وبين الفرقة العاصية سورا فاقتحموا السور ودخلوا بيوت العاصين فوجودا المعتدين العاصين وقد أصبحوا قردة فعرفت القردة أنسابها من الإنس ولم تعرف الإنس أنسابهم من القردة والروايات في هذا الشأن كثيرة ولم تصح الكثير من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأنها لضعفها لذا نتوقف هنا دون الخوض في مصير القردة وكيف عاشوا حياتهم بعد خسفهم.

بقلم/ حامد الشمري
٣-١-٢٠١٤م